المنشورات
مصر
فصل منه: قال أبو الخطّاب: لم يذكر الله جلّ وعز شيئا من البلدان باسمه في القرآن كما ذكر مصر، حيث يقول: وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ
. وقال: فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ
وقال: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً
وقال تعالى: اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ
وقال في آية: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي.
وذكر مصر في القرآن بالكناية عن خاصّة اسمها، فمن ذلك: وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ
قالوا: هي مدينة منف، وهو موضع منزل فرعون.
وأخبرني شيخ من آل أبي طالب من ولد عليّ صحيح الخبر: منف دار فرعون، ودرت في مجالسه ومثاويه وغرفه وصفافه، فإذا كلّه حجر واحد منقور؛ فإن كانوا هندموه وأحكموا بناءه حتّى صار في الملاسة واحدا لا يستبان فيه مجمع حجرين، ولا ملتقى صخرتين فهذا عجب. ولئن كان جبلا واحدا، ودكّا واحدا، فنقرته الرّجال بالمناقير حتّى خرقت فيه تلك المخاريق، إنّ هذا لأعجب.
وفي القرآن: فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ.
قال: والأرض هاهنا مصر. وفي هذا الموضع كلام حسن. ولكنّا ندعه مخافة أن نخرج إلى غير الباب الذي ألّفنا له هذا الكتاب.
قالوا: وسمّى الله تعالى ملك مصر «العزيز» ، وهو صاحب يوسف، وسمّى صاحب موسى «فرعون» .
قالوا: وكان أصل عتوّ فرعون ملكه العظيم، ومملكته التي لا تشبهها مملكة.
قالوا: ومنهم مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «سيّدة نساء العالم خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم» .
قال: ولّما هم فرعون بقتل موسى قالت آسية: لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً
وقالت: وكيف تقتله، والله ما يعرف الجمرة من التّمرة.
ومنهم السّحرة الذين كانوا قد أبرّوا على أهل الأرض، فلما أبصروا بالأعلام، وأيقنوا بالبرهان، استبصروا وتابوا توبة ما تابها ما عز بن مالك، ولا أحد من العالمين، حتّى قالوا لفرعون: فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ، إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا، إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ.
وجاء في الحديث: «من أخرب خزائن الله فعليه لعنة الله» . قالوا:
خزائن الله هي مصر، أما سمعتم قول يوسف: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ
؟.
وقال عبد الله بن عمرو: «البركة عشر بركات: تسع بمصر والواحدة في جميع الأرض» .
فصل منه: وقال أهل العراق: سألنا بطريق خرشنة عن خراج الرّوم، فذكر مقدارا من المال، وقال. هو كذا وكذا قنطارا. فنظر بعض الوزراء فإذا خراج مصر وحده يضعف على خراج بلاد الروم إذا جمعت أبواب المال من البلاد جميعا.
فصل منه: ولا أعلم الفرقة في المغرب إلا أكثر من الفرقة في المشرق، إلّا أنّ أهل المغرب إذا خرجوا لم يزيدوا على البدعة والضّلالة، والخارجيّ في المشرق لا يرضى بذلك حتّى يجوزه إلى الكفر، مثل المقنّع وشيبان والإصبهبذ وبابك، وهذا الضّرب.
فصل منه: وقد علمنا لجماعة بني هاشم طابعا في وجوههم يستبين به كرم العتق وكرم النّجار، وليس ذلك لغيرهم.
ولقد كادت الأهواز تفسد هذا المعنى على هاشميّة الأهواز، ولولا أنّ الله غالب على أمره لقد كادت طمست على ذلك العتق ومحته فتربتها خلاف تربة الرسول صلّى الله عليه وسلم: وذلك أنّ كلّ من تخرّق طرق المدينة وجد رائحة طيّبة ليست من الأراييح المعروفة الأسماء.
مصادر و المراجع :
١- الرسائل السياسية
المؤلف: عمرو بن
بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى:
255هـ)
الناشر: دار
ومكتبة الهلال، بيروت
29 مايو 2024
تعليقات (0)