المنشورات
عزل علي معاوية لضلاله فتمرد عليه
وقد علمت- أبقاك الله- انّ الذي أخرج معاوية إلى حرب علي ولزوم محاربة عليّ عزل عليّ له حين بويع له وحين لم يستحلّ ان يدعه طرفة عين، ولذلك حين قيل له: «لو شئت ان تدعه حتى إذا تمكن الأمر ومهد وضرب الحقّ بجرانه عزلته» - قال: «ما كنت منجد المضلّين عضدا» ؛ فقد دلّ ذلك على ان رأيه كان فيهما متقدّما؛ فعليّ عند ما قال ذلك القول وصنع ذلك الصنيع الذي يتوهّم عنهما المتوهّم انّه قد رضي بعمرو حكما وكره أيضا بما اعطاه الله من صحّة الغريزة وقوّة القريحة وعجيب التدبير ان يجيء برجل غير ابي موسى ويجيء معاوية بغير عمرو، فكان إنكار حكم عمرو وإزالة جوره، إذ كان عند اهل العراق والحجاز ظنينا، أهون وأيسر من أن يرضى برجلين مسلمين صالحين بريّن تقيّين مسلمين سليمين طاهرين نقيّين؛ فإن هما غلطا او بدلا كان نفي حكمهما والسخط لما أبرما من قضيتهما أعسر وأضيق، بل قد اراد ان يجرّح شهادة ابي موسى ويسقط حكمه عند جميع الأمة لانه بالأمس قد كان روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الروايات في التثبيط عن عليّ وأنّ من سعى معه في تلك الجيوش والحروب مفتون، حتى جرى بينه وبين الحسين وعمّار ما قد رواه الناس وشاع في الآفاق، وصار بعد ذلك حكما لهذا الفاتن ليحدّ إليه وإلى حبره.
كذلك كان ظاهر حالهما، فنفس حال أبي موسى كانت جارحة لشهادته مفسدة لحكمه، فأراد عليّ أن يكون بالخيار وكان ينبغي لمعاوية في الحزم أن يفطن لهذه المكيدة وأن يرتاب بظاهر رضاه بأبي موسى، والحال عنده معروفة وجواسيسه كثيرة ومن يكاتبه أكثر عددا.
مصادر و المراجع :
١- الرسائل السياسية
المؤلف: عمرو بن
بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى:
255هـ)
الناشر: دار
ومكتبة الهلال، بيروت
29 مايو 2024
تعليقات (0)