المنشورات

موقف طلحة والزبير من علي

وذلك أنّ عليّا سمّى أصحاب الجمل الناكثين لنكث طلحة والزّبير لبيعته، ولم يختلف الناس في بيعتهما له، ولا أنكر ذلك الزبير يوم واقفه عليّ بالبصرة وقد أقرّ بها طلحة ثمّ ادّعى الإكراه؛ ففي واجب الحكم أن يقضي عليه بإقراره وأن يسأل البيّنة على دعواه؛ ولم يستشهد إلّا أسامة، وليس في قول أسامة وحده حجة على أنّه لم يشهد عليّ، وأسامة ممّن ترك بيعة عليّ، ولو لم يدع بيعة عليّ لما كان في شهادة الواحد حجّة؛ على أنّه لم يشهد إلّا بأنه بايع وهو كاره، وهذا اللفظ يحتمل الوجوه، وهو بخلاف ما أراد طلحة اشبه.
والحقّ كله مرّ والباطل كله حلو؛ وقد خلق الله النار فحفها بالشهوات وخلق الجنة فحفها بالمكاره؛ ومن صفة الطاعة أن يحتمل فيها صاحبها الكلفة والمشقّة ومجانبة الهوى، ومن صفة المعصية أن يدخل فيها من طريق الشهوة لها والذهاب معها، وقد رجع الزّبير عند الاذكار، وتأخر طلحة الى خلاف موضع صاحب الاستبصار حتّى قتل في أخريات الناس، ولذلك قال بعض الناس:
«لله مصرع شيخ ما أضيعه» ، وهو لا يستطيع ان يدّعي على معاوية عقد بيعة ولا على أصحابه نكثا كما ادّعى على الزبير وأقرّ له بها طلحة.












مصادر و المراجع :

١- الرسائل السياسية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید