المنشورات
هامش رسالة الحكمين
(1) يوجه الجاحظ كلامه الى شخص يدعوه ابن حسان يبدو انه كان يميل الى العثمانية ويكره الشيعة، وكان معتزليا فانفصل عنهم «فانت معتزلي نظامي» اي من فرقا النظام استاذ الجاحظ، هكذا يخاطبه الجاحظ، ولكنه لم يحافظ على نحلة الاعتزال فعاون ابراهيم بن الحسن على ترك الصلاة في مسجد ابن رغبان بالبصرة الذي بناه احد المعتزلة الفضيل بن عبد الرحمن مولى بني سدوس. وكان هذا المسجد يقنت فيه ابناء جميع الفرق من الجبرية والنابتة والمعتزلة. وهذا العمل يدل في نظر الجاحظ على سخافة عقل ابن حسان وسوء المحافظة على نحلته.
ونستطيع ان نستنتج من هذه الحادثة ان الفرق الغالبة على البصرة عندما كتب الجاحظ هذه الرسالة قبل الانتقال الى بغداد هي الجبرية والنابتة والمعتزلة. وان التعصب كان على اشده بينها بحيث انها اقتسمت المساجد في البصرة.
(2) يبحث الجاحظ في شروط التمثيل بين شخصين او شيئين. وقد تحدث على هذه المسألة في رسائل أخرى (انظر رسالة التربيع والتدوير رقم 23) . ولا وجه للمقارنة بين علي ومعاوية لأنه لا شبه بينهما. ويستعين الجاحظ ببعض الامثال فيحورها لتتلاءم مع الفكرة التي يريد التعبير عنها فيقول ان سحبان اخطب من باقل، والاصل مثلان هما اخطب من سحبان واعيا من باقل، ويقول ان زيادا ادهى من هبنقة، والاصل مثلان هما: ادهى من زياد (يعني زياد ابن ابيه) واحمق من هبنقة (هبنقة رجل ضرب المثل بحمقه) . ويقول ان ابا ذر اصدق من مسيلمة والاصل مثلان هما: اصدق من ابي ذر واكذب من مسيلمة، (اي مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة بعيد موت النبي) . ويقول ان جالينوس اطب من ابي دينار، والاصل مثلان هما: اطب من جالينوس (الطبيب اليوناني الشهير) واجهل من ابي دينار (رجل يضرب المثل بجهله في الطب) .
(3) يجمل الجاحظ فضائل معاوية التي يقول بها ابن حسان والسفيانية. ويبدو ان النص حرف بحيث لا يظهر فيه رأي الجاحظ الحقيقي في معاوية. فحسب النص معاوية مؤمن عادل غير فاسق؛ ولكن حسب نص النابتة، معاوية فاسق وضال وكافر.
(4) يذكر الجاحظ طرق اختيار الامام او اقامته. وقد ذكر معظمها في كتاب العثمانية (راجع رسالة العثمانية ضمن هذا الكتاب) . وتبنى الاولى منها التي تقول «والامامة لا تستوجب الا بالتقدم في الفضل والتقدم في السوابق، والا بأن يكون الفضل اما ظاهرا للعيون ومشهورا عند جميع المسلمين قد اجمعوا على تقديم رجل وتأمير امير من تلقاء انفسهم بغير سيف ولا خوف ولا اكراه ظاهر ولا سبب يوجب سوء الظن فضلا على غير ذلك» .
(5) يعدد الجاحظ كتاب الوحي الذين سبقوا معاوية او عملوا معه وقد كان له رأي سيء بالكتاب عامة (راجع رسالة الكتاب ضمن كتابنا هذا «رسائل الجاحظ السياسية» ) .
(6) الجاحظ يريد أن يقول ان قتلة عثمان مهدوا الطريق له الى الخلافة اذ لولا قتل عثمان لما اوهم الناس باشتراك علي في قتله وتأليبهم عليه، ولما قال انه اولى بها لأنه انتدب نفسه للأخذ بثأره.
(7) موقف عضوي الشورى سعد بن ابي وقاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب الناهي عن القتال استغله معاوية خير استغلال لصالحه. كما افاد من تماسك جنده وتضعضع جند علي، وقد علل الجاحظ تضعضع جند علي لأنهم من النزارية اصحاب الاحقاد والعداوات القبلية الجاهلية، كما انهم من اهل العراق «اصحاب الخواطر والنظر والتأويل والقياس ومع هذه الصفة يكون الاختلاف ... » .
(8) يذكر الجاحظ سببا آخر ادى الى غلبة معاوية وهي اللجوء الى الترغيب بالمال والمناصب يغري بها اصحاب النفوس الضعيفة والدنيئة. بينما عرف عن علي شتده في بذل المال والضن به على غير مستحقيه.
(9) حيلة المصاحف لم تنطل على علي، ولكنها انطلت على جنده.
(10) دهاء عمرو بن العاص ادى الى ضعف موقف علي.
(11) الجاحظ يحلل موقف ابي موسى الاشعري، وينتهي الى نتيجة جديدة وهي أنه لم يكن غبيا فيخدع ولكنه انقلب على علي وحاول صرف الخلافة الى عبد الله بن عمر.
(12) أنظر موقف الجاحظ من قبول علي بابي موسى حكما، انه يتابع استاذه النظام في تعليل ذلك القبول وهو انه لم يرض به حكما لأنه قصير النظر عديم الفطنة، جاهل بما يضمر ابو موسى من عداوة له، ولا بسبب ضغط انصار ابي موسى اليمانية عليه، ولكن خوفا من الخلاف في جيشه.
(13) اسباب ترك علي القتال هو ما لمسه من ميل جنده الى الراحة والملل من الحرب.
(14) يشرح الجاحظ مبدأ من مبادىء المعتزلة هو اقتران القول بالعمل. ويلمح الى التقية عند الشيعة.
(15) يرى الجاحظ ان عليا لم يخدع بحيلة معاوية وعمرو بن العاص.
(16) الفرق بين علي ومعاوية هو ان عليا كان يلزم في اعماله وتصرفاته الكتاب والسنة اي القرآن وسنة الرسول من قول وفعل وتقرير. اما معاوية فكان لا يتقيد بهما دائما.
(17) الجاحظ يشير الى ما قاله في رسالة النابتة من ان معاوية كفر لمخالفته سنة الرسول في ادعاء الولد (يعني زياد ابن ابيه الذي ادعى ابو سفيان انه ابنه وهو ابن قراش) .
(18) الجاحظ يعلن انه معتزلي وليس علويا او عثمانيا او بكريا، وهو لا يكره هؤلاء ولا اولئك ولا يميل الى اي فريق من الفريقين.
(19) السفيانية لا تحكم على معاوية بالضلال بسبب مبايعته ابنه يزيد. والجاحظ يخالفهم في ذلك.
(20) «كتاب القضية» هو نص الاتفاق على التحكيم بين علي ومعاوية. اثبت الجاحظ النص وحلله فوجده مزورا لفظا ومعنى او شكلا ومضمونا. وقد أحسن الجاحظ التحليل والنقد.
(21) سبب تمرد معاوية على علي عزله عن ولاية الشام.
(22) «الشيعة غافلون عن تدبير علي» رأي خطير اذا ثبت قلب مقاييس الشيعة راسا على عقب.
(23) خطأ الخوارج في موقفهم من علي: لم يفهموا تدبيره مرتين: عند ما دعاهم الى مواصلة القتال فابوا، وعند ما دعوه الى استئناف القتال فأبى.
(24) الجاحظ يميط اللثام عن موقف ابن عباس من عزل معاوية: لقد نصح عليا بعدم عزله فرفض الخليفة.
(25) سبب آخر ساعد معاوية في صراعه ضد الامام علي هو استنكار العامة لمقتل عثمان، والشك في موقف علي من مقتله.
(26) الجاحظ يحدد معنى الاعتزال بانه التوسط والاقتصاد بين غلو الخوارج وامثالهم وتقصير المرجئة وامثالهم في صفات الله والقاذف وقتال الفئة الباغية. «المنزلة بين المنزلتين»
(27) لماذا كان موقف علي من مقتل عثمان غامضا؟ لأن الناس انقسموا فئتين بشأن عثمان: فئة ناقمة على عثمان مثنية على قاتليه وهم اكثر الجنود والقواد ورؤساء العشائر. وفئة تعظم شأن دمه وتبرىء عليا منه وهم عامة الأمة. فاحتار علي فيما عساه يقول في مقتله: فاذا اظهر البراءة من قاتليه ثار به الجند. واذا اثنى على قاتليه نقمت عليه العامة. «فكان يمسك عن ذكره ما امكنه الامساك، فاذا اضطره القول قال قولا يحتمل رضى الفريقين» .
(28) يذكر الجاحظ اسماء الفئات التي تؤيد معاوية وتثبت حقه في الخلافة وهي:
السفيانية (نسبة الى ابي سفيان والد معاوية) والمروانية (نسبة الى مروان بن الحكم المؤسس الثاني للخلافة الاموية) . والغيلانية (نسبة الى غيلان الدمشقي المتكلم 723 م) واليزيدية اصحاب ثور بن يزيد (احد رجال الحديث (770 م)) والاوزاعي (احد فقهاء السنة في مطلع العصر العباسي، ولد في بعلبك ومات ودفن في محلة الاوزاعي بالقرب من بيروت سنة 774 م) .
(29) طلحة والزبير عضوا الشورى ومن كبار الصحابة بايعا عليا ثم نكثا البيعة وقادا الحرب ضده في معركة الجمل قرب البصرة.
(30) السفيانية تنكر ان يكون معاوية قاسطا او جائرا. ولو كان كذلك لما اطاعه الناس وحاربوا معه وضحوا بنفوسهم واموالهم من اجله.
(31) السفيانية تطعن في خلافة علي لأنه لم ينلها بالتشاور، ولم يجمع عليه الناس، ولم يرد فيه نص. اما معاوية فقد ولاه عمر وزكاه عثمان وكانا راضيين عنه.
(32) السفيانية تدعي ان ولاية معاوية صارت بوضع اليد كاللقطة ولو طلبها علي منه لم يثبت ان اللقطة له.
(33) السفيانية تزعم ان حق علي بالخلافة سقط لأنه اشترك في دم عثمان او اعان على قتله او منع ولي الدم من معاقبة القاتل.
(34) السفيانية تنفي صحة الحديث النبوي «انت مني بمنزلة هارون من موسى» لأنه لو كان صحيحا لاحتج به علي. ثم انها تقول ان الخلافة شورى، وعلي لم ينلها بالشورى.
(35) استندت السفيانية في حق معاوية بالخلافة إلى انتصاره على خصمه وقوته. والامام يجب ان يكون هو الأقوى ويجب أن يجمع الدين والسيف لتستقيم الامامة.
وكذلك النبوة فلا بد للنبي من ان يحمل السيف الى جانب الرسالة الدينية أو يؤيده ملك في دعواه ولكن هذا الزعم لا ينطبق على السيد المسيح وعلى موسى. ولا يؤيده الجاحظ الذي يرى في رسالة حجج النبوة أن يكون النبي اعتمد على الارهاب لنشر دينه (انظر ايضا استحقاق الامامة) .
(36) ملخص حجج السفيانية في وجوب امامة معاوية: براءته من عيوب اعضاء الشورى، وانتدابه الى الثأر لدم عثمان.
(37) الجاحظ يعترف بأن حجج السفيانية القاها اليه ابن حسان مفسرة مستوفاة لكي لا يعتب عليه أحد.
(38) جميع حجج السفيانية لم يدل بها معاوية ولم يعرفها اهل عصره انها من تصنع المتكلمين المتأخرين من الناصبة.
(39) يذكر الجاحظ معظم المؤرخين العرب: الزهري ومحمد بن اسحق، امامي اهل الحجاز في علم السير والاخبار، وقتادة البصري، وسماك بن حرب الكوفي، وشبرمة والقاسم بن معن وابن ابي عنيسة البصريين الخ. وهؤلاء ثقات. ومثل الكلبي وابن الكلبي وعوانه والشرفي بن القطامي وابن الحسن المدائني والهيثم بن عدي الخ.. من غير الثقات. ويدل كلام الجاحظ على انه اطلع على كتبهم مما يبرهن على سعة ثقافته.
(40) الدليل على ان هذه الاحتجاجات التي قالت بها السفيانية في عصر معاوية من صنع المتكلمين المحدثين ان خطب معاوية ورسائله تخلو منها، وكذلك كتاب القضية.
(41) الرد على حجة السفيانية بعدم الاجماع على خلافته يدفع الجاحظ الى ايضاح مفهوم الاجماع وعلاقته باستحقاق الامامة. ان الاجماع بنظره ليس سبب الامامة سواء توافر ام لم يتوافر، ان سبب الامامة هو الفضل (راجع نظريته في الامامة في اواخر رسالة العثمانية، وفي كتابنا: المناحي الفلسفية عند الجاحظ) .
(42) الشورى ليست سبب الامامة بنظر الجاحظ، وقد عمل بها عمر وليس من الضروري اتباعها. فأبوبكر لم يعمل بها بل اقام عمر قبل وفاته.
(43) علي اولى بالخلافة بسبب القرابة والرواية والقدم والزهد. هذا الرأي قال به الشيعة ورفضه الجاحظ في «استحقاق الامامة» وكتب أخرى.
(44) الجاحظ لا يستنكر طلب معاوية بدم عثمان ويرى ان قاتل عثمان من اهل النار.
هذا الرأي اعلنه ايضا في رسالة النابتة. (راجعها ضمن رسائل الجاحظ الكلامية) .
(45) علي لم يقتل عثمان ولا اشترك في قتله. هذا الرأي ابداه الجاحظ في مطلع الرسالة (رقم 6) .
مصادر و المراجع :
١- الرسائل السياسية
المؤلف: عمرو بن
بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى:
255هـ)
الناشر: دار
ومكتبة الهلال، بيروت
29 مايو 2024
تعليقات (0)