فإن ادعيتم أن الأخبار التي جاءت في تعرضه كلها باطل، إن لقائل أن يقول:
وكل خبر رويتموه في حلمه باطل! ولقد شهر الأحنف بالحلم ولكنه تكلم بكلام كثير يجرح في الحلم ويثلم في العرض. ولا يستطيع أحد أن يحكي عن العباس بن عبد المطلب ولا عن الحسن بن علي بن أبي طالب لفظا فاحشا ولا كلمة ساقطة ولا حرفا واحدا مما يحكى عن الأحنف ومعاوية! وكان المأمون أحلم الناس، وكان عبد الله السفاح أحلم الناس. وبعد، فمن يستطيع أن يصف هاشما أو عبد المطلب بالحلم دون غيره من الأخلاق والأفعال حتى يسميه بذلك ويخصه به دون كل شيء فيه من الفضل؟ وكيف وأخلاقهما متساوية وكلها في الغاية؟ ولو أن رجلا كان أظهر الناس زهدا وأصدقهم للعدو لقاء وأصدق الناس لسانا وأجود الناس كفا وأفصحهم منطقا وكان بكل ذلك مشهورا، لمنع بعض ذلك من بعض ولما كان له إلا إسم السيد المقدم والكامل المعظم، ولم يكن الجود أغلب على إسمه، ولا البيان ولا النجدة.
مصادر و المراجع :
١- الرسائل السياسية
المؤلف: عمرو بن
بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى:
255هـ)
الناشر: دار
ومكتبة الهلال، بيروت
تعليقات (0)