المنشورات

النهي عن الحجاب

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ثلاث من كنّ فيه من الولاة اضطلع بأمانته وأمره: إذا عدل في حكمه، ولم يحتجب دون غيره، وأقام كتاب الله في القريب والبعيد» .
وروي عنه عليه السلام أنّه وجّه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه إلى بعض الوجوه، فقال له فيما أوصاه به: «إنّي قد بعثتك وأنا بك ضنين فابرز للناس، وقدّم الوضيع على الشّريف، والضّعيف على القويّ، والنّساء قبل الرجال، ولا تدخلنّ أحدا يغلبك على أمرك، وشاور القرآن فإنّه إمامك» .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا استعمل عاملا شرط عليه أربعا: لا يركب برذونا، ولا يتّخذ حاجبا، ولا يلبس كتّانا، ولا يأكل درمكا.
ويوصي عمّاله فيقول: إيّاكم والحجاب، وأظهروا أمركم بالبراز، وخذوا الذي لكم وأعطوا الذي عليكم، فإنّ امرأ ظلم حقّه مضطرّ حتى يغدو به مع الغادين.
وكتب عمر رضوان الله عليه إلى معاوية وهو عامله على الشام:
«أمّا بعد فإنّي لم آلك في كتابي إليك ونفسي خيرا. إيّاك والاحتجاب دون الناس، وأذن للضعيف وأدنه حتى ينبسط لسانه، ويجترىء قلبه، وتعهّد الغريب فإنّه إذا طال حبسه وضاق إذنه ترك حقّه، وضعف قلبه، وإنما أثوى حقّه من حبسه. واحرص على الصّلح بين الناس ما لم يستبن لك القضاء.
وإذا حضرك الخصمان بالبيّنة العادلة والأيمان القاطعة فأمض الحكم.
والسلام» .
وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري:
«آس بين الناس في نظرك وحجابك وإذنك، حتّى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك. وأعلم أن أسعد الناس عند الله تعالى يوم القيامة من سعد به النّاس، وأشقاهم من شقوا به» .
وروى الهيثم بن عديّ عن ابن عباس قال: قال لي عبيد الله بن أبي المخارق القينيّ:
استعملني الحجاج على الفلّوجة العليا، فقلت: أما هاهنا دهقان يعاش بعقله ورأيه؟ فقيل لي: بلى، هاهنا جميل بن بصهرّى. فقلت: عليّ به. فأتاني فقلت: إن الحجّاج استعملني على غير قرابة ولا دالّة ولا وسيلة، فأشر عليّ. قال:
لا يكون لك بوّاب حتّى إذا تذكّر الرجل من أهل عملك بابك لم يخف حجّابك، وإذا حضرك شريف لم يتأخّر عن لقائك ولم يحكم على شرفك حاجبك. وليطل جلوسك لأهل عملك يهبك عمّالك، ويبقى مكانك ولا يختلف لك حكم على شريف ولا وضيع، ليكن حكمك واحدا على الجميع، يثق الناس بعقلك. ولا تقبل من أحد هديّة فإنّ صاحبها لا يرضى بأضعافها مع ما فيها من الشّهرة.
قال موسى الهادي لحاجبه: لا تحجب الناس عنّي، فإنّ ذلك يزيل التزكية، ولا تلق إليّ أمرا إذا كشفته وجدته باطلا، فإنّ ذلك يوتغ المملكة.
وقال بعض الخلفاء لحاجبه: إذا جلست فأذن للناس جميعا عليّ، وأبرز لهم وجهي، وسكّن عنهم الأحراس، واخفض لهم الجناح، وأطب لهم بشرك، وألن لهم في المسألة والمنطق، وارفع لهم الحوائج، وسوّ بينهم في المراتب، وقدّمهم على الكفاية والغناء، لا على الميل والهوى.












مصادر و المراجع :

١- الرسائل السياسية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید