المنشورات
الكتاب اتباع وخدم
ومع ذلك إنّ سنخ الكتابة بني على أنّه لا يتقلّدها إلّا تابع، ولا يتولّاها إلّا من هو في معنى الخادم. ولم نر عظيما قطّ تولّى كفاية نفسه، أو شارك كاتبه في عمله. وكلّ كاتب فمحكوم عليه بالوفاء، ومطلوب منه الصّبر على اللأواء.
وتلك شروط متنوّعة عليه، ومحنة مستكملة لديه.
وليس للكاتب اشتراط شيء من ذلك، بل يناله الاستبطاء عند أول الزّلّة وإن أكدى، ويدركه العدل بأوّل هفوة وإن لم يرض.
يجب للعبد استزادة السيّد بالشكوى، والاستبدال به إذا اشتهى. وليس للكاتب تقاضى فائته إذا أبطأ، ولا التحوّل عن صاحبه إذا التوى. فأحكامه أحكام الأرقّاء، ومحلّه من الخدمة محل الأغبياء.
ثم هو مع ذلك في الذّروة القصوى من الصّلف، والسّنام الأعلى من البذخ، وفي البحر الطامي من التّيه والسّرف. يتوهّم الواحد منهم إذا عرّض جبّته وطوّل ذيله، وعقص على خدّه صدغه، وتحذف الشابورتين على وجهه، أنّه المتبوع ليس التابع، والمليك فوق المالك.
مصادر و المراجع :
١- الرسائل السياسية
المؤلف: عمرو بن
بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى:
255هـ)
الناشر: دار
ومكتبة الهلال، بيروت
29 مايو 2024
تعليقات (0)