المنشورات
الكبر رذيلة تعتري مختلف طبقات الناس
والكبر معنى ينتظم به جماع الشّرّ، والتّواضع معنى ينتظم به جماع الخير، والتّواضع عقيب الكبر، والرّحمة عقيب القسوة. فإذا كان للطّاعة قدر من الثّواب فلتركها وعقيبها، ولما يوازنها ويكايلها، مثل ذلك القدر من العقاب. وموضع الطاعة من طبقات الرّضا، كموضع تركها من طبقات السّخط إذ كانت الطّاعة واجبة، والتّرك معصية.
والكبر من أسباب القسوة. ولو كان الكبر لا يعترى إلّا الشّريف والجميل، أو الجواد، أو الوفيّ أو الصّدوق، كان أهون لأمره، وأقلّ لشينه، وكان يعرض لأهل الخير، وكان لا يغلط فيه إلّا أهل الفضل، ولكنّا نجده في السّفلة، كما نجده في العلية ونجده في القبيح كما نجده في الحسن، وفي الدّميم كما نجده في الجميل، وفي الدّنّي الناقص، كما نجده في الوفيّ الكامل، وفي الجبان كما نجده في الشّجاع، وفي الكذوب كما نجده في الصّدوق، وفي العبد كما نجده في الحر، وفي الذّمّيّ ذي الجزية والصّغار والذّلّة، كما نجده في قابض جزيته والمسلّط على إذلاله.
ولو كان في الكبر خير لما كان في دهر الجاهليّة أظهر منه في دهر الإسلام، ولما كان في العبد أفشى منه في الحر، ولما كان في السّنّد أعمّ منه في الرّوم والفرس.
مصادر و المراجع :
١- الرسائل الأدبية
المؤلف: عمرو بن
بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى:
255هـ)
الناشر: دار
ومكتبة الهلال، بيروت
الطبعة: الثانية،
1423 هـ
29 مايو 2024
تعليقات (0)