المنشورات

صفات المرأة الجميلة

قال (صاحب الغلمان) : ظلمت في المناظرة ولم تنصف في الحجّة؛ لأنا لم ندفع فضل الأوائل من الشعرء، إنّما قلنا إنهم كانوا أعرابا أجلافا جفاة، لا يعرفون رقيق العيش ولا لذّات الدنيا؛ لأنّ أحدهم إذا اجتهد عند نفسه شبّه المرأة بالبقرة، والظبية، والحيّة. فإن وصفها بالاعتدال في الخلقة شبّهها بالقضيب، وشبّه ساقها بالبرديّة؛ لأنّهم مع الوحوش والأحناش نشؤوا، فلا يعرفون غيرها.
وقد نعلم أنّ الجارية الفائقة الحسن أحسن من البقرة، وأحسن من الظّبية، وأحسن من كلّ شيء شبّهت به.
وكذلك قولهم: كأنّها القمر؛ وكأنّها الشمس؛ فالشّمس وإن كانت حسنة فإنما هي شيء واحد، وفي وجه الإنسان الجميل وفي خلقه ضروب من الحسن الغريب، والتركيب العجيب. ومن يشكّ أنّ عين الإنسان أحسن من عين الظّبي والبقرة، وأن الأمر بينهما متفاوت! وهذه أشياء يشترك فيها الغلمان والجواري، والحجّة عليك مثل الحجّة لك في هذه الصفات وأمّا احتجاجك علينا بالقرآن والآثار والفقهاء، فقد قرأنا مثل ما قرأت، وسمعنا من الآثار مثل ما سمعت. فإن كنت إلى سرور الدّنيا تذهب، ولذّاتها تريد، فالقول قولنا. كما قال الشاعر:
ما العيش إلّا في جنون الصّبا ... فإن تولّى فزمان المدام
كأسا إذا ما الشيخ والى بها ... خمسا تردّى برداء الغلام













مصادر و المراجع :

١- الرسائل الأدبية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

الطبعة: الثانية، 1423 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید