المنشورات

ذل رجال السلطان

وليس هكذا من لابس السّلطان بنفسه، وقاربه بخدمته؛ فإنّ أولئك لباسهم الذّلّة، وشعارهم الملق، وقلوبهم ممّن هم لهم خول مملوءة، قد لبسها الرّعب، وألفها الذّلّ، وصاحبها ترقّب الاحتياج؛ فهم مع هذا في تكدير وتنغيص، خوفا من سطوة الرّئيس وتنكيل الصاحب، وتغيير الدّول، واعتراض حلول المحن. فإن هي حلّت بهم، وكثيرا ما تحلّ، فناهيك بهم مرحومين يرقّ لهم الأعداء فضلا عن الأولياء.
فكيف لا يميّز بين من هذا ثمرة اختياره وغاية تحصيله، وبين من قد نال الرّفاهية والدّعة، وسلم من البوائق، مع كثرة الإثراء وقضاء اللّذّات، من غير منّة لأحد، ولا منّة يعتدّ بها رئيس ومن هو من نعم المفضلين خليّ، وبين من قد استرقّه المعروف، واستعبده الطّمع، ولزمه ثقل الصّنيعة، وطوّق عنقه الامتنان، واسترهن بتحمّل الشّكر.














مصادر و المراجع :

١- الرسائل الأدبية

المؤلف: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى: 255هـ)

الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت

الطبعة: الثانية، 1423 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید