غرض الجاحظ من هذه الرسالة مساعدة القاضي وثوابه
والذي دعاني إلى وضعه مع إشفاقي منه، وهيبتي لتصفّحك له، أنّي حين علمت أنّ الغالب على إرادتك، والمستولى على مذهبك، تقريب العالم وإقصاء الجاهل، وأنّك متى قرأت كتابا أو سمعت كلاما، كنت من وراء ما فيه من نقص أو فضل، باتّساع الفهم، وصحة العلم؛ وأنّك متى رأيت زللا غفرته وقوّمت صاحبه، ولم تقرّعه به، ولم تخرمه له. ومتى رأيت صوابا أعلنته ورعيته، فدعوت إليه وأثبت عليه. ولأنّي حين أمنت عقاب الإساءة، [و] وثقت بثواب الإحسان، كان ذلك موجبا لوضعه، ولم أستكره نفسي عليه، وصار ذلك موجبا لنظمه وموحيا للتقرّب به. والسّبب أحقّ بالتّفضيل من المسبّب؛ لأنّ الفعل محمول على سببه، ومضاف إليه، وعيال عليه، ومضمّن به.
مصادر و المراجع :
١- الرسائل الأدبية
المؤلف: عمرو بن
بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى:
255هـ)
الناشر: دار
ومكتبة الهلال، بيروت
الطبعة: الثانية،
1423 هـ