المنشورات
النبيذ يسبب السرور ويحث على الجود
إن انفردت به ألهاك، وإن نادمت به سوّاك.
ثم هو أصنع للسّرور من زلزل، وأشدّ إطرابا من مخارق، وقدر احتياجهما إليه كقدر استغنائه عنهما؛ لأنّه أصل اللذات وهي فرعه، وأوّل السرور ونتاجه.
ولله درّ أوّل من عمله وصنعه، وسقيا لمن استنبطه وأظهره. ماذا دبّر؟
وعلى أيّ شيء دلّ؟ وبأيّ معنىّ أنعم؟ وأيّ دفين أثار؟ وأيّ كنز استخرج.
ومن استغناء النّبيذ بنفسه، وقلّة احتياجه إلى غيره، أنّ جميع ما سواه من الشراب يصلحه اللّج، ولا يطيب إلّا به.
وأوّل ما يثنى عليه به، ويذكر منه، أنّه كريم الجوهر، شريف النّفس، رفيع القدر، بعيد الهم، وكذلك طبيعته المعروفة وسجيّته الموصوفة. وأنّه يسرّ النفوس ويحبّب إليها الجود، ويزيّن لها الإحسان، ويرغّبها في التوسّع، ويورثها الغنى، وينفي عنها الفقر، ويملؤها عزّا، ويعدها خيرا، ويحسّن المسارّة، ويصير به النّبت خصبا والجناب مريعا، ومأهولا معشبا.
مصادر و المراجع :
١- الرسائل الأدبية
المؤلف: عمرو بن
بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى:
255هـ)
الناشر: دار
ومكتبة الهلال، بيروت
الطبعة: الثانية،
1423 هـ
30 مايو 2024
تعليقات (0)