المنشورات
شيخ من الأعراب وامرأته
وأنشدني الزيادي قال: أنشدني أبو زيد، نظر شيخٌ من الأعراب إلى امرأته تتصنع وهي عجوز فقال:
عجوز ترجي أن تكون فتيةٌ ... وقد لحب الجنبان واحدودب الضهر
تدس إلى العطار سلعة بيتها ... وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر
قال أبو الحسن: وزادني غير أبي العباس في شعر هذا الأعرابي:
وماغرني إلا خضابٌ بكفها ... وكحل بعينيها وأثوابها الصفر
وجاؤوا بها قبل المحاق بليلةٍ ... فكان محاقاً كله ذلك الشهر
قال: فقالت له امرأته1:
ألم تر أن الناب تحلب علبةٌ ... ويترك ثلب، لا ضرابٌ ولا ظهر!
قال: ثم استغاثت بالنساء. وطلب الرجال فإذا هم خلوفٌ2، فاجتمع النساء عليه فضربنه.
قوله: "قد لحب الجنبان"،يقول: قل لحمهما، يقال: بعير ملحوبٌ وقد لحب مثل عرق.
وقوله:
تدس إلى العطار سلعة بيتها
يريد السويق والدقيق وما أشبه ذلك، وكل عرضٍ فالعرب تقول له: سلعة، أنشدني عمارة بن عقيل شعراٌ يمدح به خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني ويذم تميم ابن خزيمة بن حازم النهشلي:
أأترك إن قلت دراهم خالدٍ ... زيارته? إني إذاٌ للئيم
وقد يسلع المرء3 اللئيم اصطناعه ... ويعتل نقد المرء وهو كريم
فتى واسطٌ في ابني نزارٍ، مجببٌ ... إلى ابني نزارٍ، في الخطوب عميم4
فليت ببرديه لنا كان خالدٌ ... وكان لبكرٍ في الثراء تميم
فيصبح فينا سابقٌ متمهلٌ ... أغر، وفي بكرٍ أغم بهيم
قوله:
وقد يسلع المرء اللئيم اصطناعه وقوله: "أغم بهيم"، فالغم كثرة شعر الوجه والقفا، قال هذبة بن خشرمٍ العذري: فلا
تنكحي إن فرق الدهر بيننا ... أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
والعرب تكره الغمم. والبهيم: الذي لا يخلط لونه غيره من أي لون كان.
وقولها:
ألم تر أن الناب تحلب علبة
تقول فيها منفعة على حال، والعلبة: إناء لهم من جلود يحلبون فيه، من ذلك قوله:
لم تتلفع بفضل مئزرها ... دعدٌ، ولم تغد بالعلب
ومن أمثال العرب: "قد تحلب الضجور العلبة"، يضربون ذلك للرجل البخيل الذي لا يزال ينال منه الشيء القليل، والضجور: الناقة السيئة الخلق، إنما تحلب حين تطلع عليها الشمس فتطيب نفسها، والثلب: الذي قد انتهى في السن من الإبل.
مصادر و المراجع :
١- الكامل في اللغة والأدب
المؤلف: محمد بن
يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)
المحقق: محمد أبو
الفضل إبراهيم
الناشر: دار
الفكر العربي - القاهرة
الطبعة: الطبعة
الثالثة 1417 هـ - 1997 م
1 يونيو 2024
تعليقات (0)