المنشورات
خبر الحجاج بن علاط السلمي مع قريش
وفي حديث الحجاج بن علاط السلمي. وكان قد أسلم ولم تعلم قريش بإسلامه، فاستأذن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم خيبر في أن يصيرإلى مكة فيأخذ ما كان له من مال، وكانت له هناك أموال متفرقة، وهو غريب بينهم إنما هو أحد بني سليم بن منصور، ثم أحد بني بهزٍ فأذن له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله، إني أحتاج أن أقول، قال: "فقل".
قال أبو العباس: وهذا كلام حسن ومعنى حسن، يقول: أقول على جهةالاحتيال غير الحق، فأذن له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه من باب الحيلة، وليس هو من باب الفساد، وأكثر ما يقال في هذا المعنى تقول، كما قال المولى عز وجل: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ} 2 فصار إلى مكة فقالت قريش: هذا لعمر الله عنده الخبر. قال: فقولوا: بلغنا أن القاطع4 قد يخرج إلى أهل خيبر، فقال الحجاج: نعم، فقتلوا أصحابه قتلاً لم يسمع بمثله، وأخذوه أسيراً، وقالوا: نرى أن نكارم به قريشاً، فندفعه إليهم، فلا تنال لنا هذه اليد في رقابهم. وإنما بادرت لجمع مالي لعلي أصيب به من فل محمدٍ وأصحابه قبل أن تسبقني إليه التجار ويتصل بهم الحديث. قال: فاجتهدوا في أن جمعوا إلي مالي أسرع جمعٍ، وسروا أكثر سروراً، وقالوا بلا رغم1، وأتاني العباس وهو كالمرأة الواله2 فقال: ويحك يا حجاج ما تقول قال: فقلت: أكاتمٌ أنت علي خبري? فقال: إي والله قال: فقلت: فالبث علي شيئاً حتى يخف موضعي. قال فسرت إليه، فقلت. الخبر والله على خلاف ما قلت لهم، خلفت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد فتح خيبر، وخلفته والله معرساً بابنة ملكهم، وما جئتك إلا مسلماً، فاطو الخبر ثلاثاً حتى أعجز القوم، ثم أشعه، فإنه والله الحق، فقال: العباس: ويحك، أحق ما تقول? قلت إي والله قال: فلما كان بعد ثلاثة تخلق العباس، وأخذ عصاه وخرج يطوف بالبيت قال: فقالت: قريش: يا أبا الفضل، هذا والله التجلد لحر المصيبة فقال: كلا، ومن حلفتم به لقد فتحها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعرس بابنة ملكهم فقالوا: من اتاك بهذا الحديث? فقال: الذي أتاكم بخلافه، ولقد جاءنا مسلماً، ثم أتت الأخبار من النواحي بذلك، فقالوا: أفلتنا الخبيث، أولى له3.
وأصل الفل مأخوذ من فللت الحديدة4 إذا كسرت حدها. والنضو: البالي المجهود، ويقال ناقة نضوٌ: إذا جهدها السير، وجمعه أنضاءٌ، وفلان نضوً من المرض.
وقوله: "لا يستقرض من عوزٍ"، فالعوز: تعذر المطلوب، يقال: أعوز فلان فهو معوز إذا لم يجد، والمعاوز في غير هذا الموضع: الثياب التي تبتذل ليصان بها غيرها. وقوله: "ولكن ليبلوا الأخيار"، يقال: الله يبلوهم ويبتليهم ويختبرهم في معنى، وتأويله: يمتحنهم، وهو العالم عز وجل بما يكون كعلمه بما كان، قال ال جلله ثناؤه {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} 5 قال: وحدثني أبو عثمان المازني قال: رأيت أبا فرعون العدوي، ومعه ابنتاه، وهو في سكة العطارين بالبصرة يقول:
بنيتي صابرا أباكما ... إنكما بعين من يراكما
الله ربي سيدي مولاكما ... ولو يشاء عنهم أغناكما
وكان أبو فرعون، وهو من بني عدي بن الرباب بن عبد مناة بن أد، وقال اليزيدي: هو مولاهم وكان فصيحاً، وقدم قوم من الأعراب البصرة من أهله، فقيل له: تعرض لمعروفهم، فقال:
ولست بسائل الأعراب شيئاً ... حمدت الله إذ لم يأكلوني
مصادر و المراجع :
١- الكامل في اللغة والأدب
المؤلف: محمد بن
يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)
المحقق: محمد أبو
الفضل إبراهيم
الناشر: دار
الفكر العربي - القاهرة
الطبعة: الطبعة
الثالثة 1417 هـ - 1997 م
1 يونيو 2024
تعليقات (0)