المنشورات

قال الحكمي أبو نواس:

أخي ما بال قلبك ليس ينفي ... كأنك لاتظن الموت حقاً
ألا يا أبن الذين فنوا وبادوا ... أما والله ما ذهبوا لتبقى
وما أحد بزادك منك أحظى ... وما أحد بزادك منك أشقى
ولا لك غير تقوى الله زادٌ ... إذا جعلت إلى اللهوات ترقى
ومما يستحسن من شعره قوله:
لا أذود الطير عن شجر ... قد بلوت المر من ثمرة
فمثل هذا لو تقدم لكان في صدور الأمثال، كذالك قوله أيضاً:
فامض لاتمنن عليّ يداً ... منك المعروف من كدرة
وكان يقول: ذكر المعروف من المنعم إفساد له، وكتمانه من النعم عليه كفر له، وفي الشعر أبيات مختارة، فمنها:
وإذا مجّ القنا علقا ... وتراءى الموت في صورة
راح في ثنيي مفاضته ... أسد يدمى شبا ظفره
تتأبّى الطير غدوته ... ثقة بالشبع من جزره
فاسل عن نوء تؤمله ... حسبك العباس من مطره
لا تعطّى عنه مكرمة ... بربا واد ولا خمره
ذللت تلك الفجاج له ... فهو مجتاز على بصره
وقد عابوا عليه قوله:
كيف لا يدنيك من أمل ... من رسول الله من نفره
وهو لعمري كلام مستهجن موضوع في غير موضعه، لأن حق رسول الله صلى الله وعليه وسلم أن يضاف إليه، ولا يضاف إلى غيره، ولو اتسع متسع فأجراه في باب الحيلة لخرج على الاحتيال، ولكنه عسر موضوع في غير موضعه، وباب الاحتيال فيه أن، تقول: قد يقول القائل من بني هاشم لغيره من أفناء قريش: منا رسول الله صلى الله وعليه وسلم،وحق هذا أنه من القبيل الذي أنا منه. فقد أضاف إلى نفسه، وكذلك يقول القرشي لسائر العرب، كما قال حسان بن ثابت:
مازال في الإسلام من آل هاشم ... دعائم عز لاترام ومفخر
بهاليل منهم جعفر وابن أمه ... علي ومنهم أحمد المتخيّر
فقال: منهم كما قال من نفره، من النفر الذين العباس هذا الممدوح منهم.
وأما قول حسّان: منهم جعفر وابن أبن أمه عليّ ومنهم أحمد المتحيز فإن، العرب إذا كان العطف بالواو قدمت وأخرت، قال الله تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} 1، وقال: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ} 2، وقال: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} 3، ولو كان بثم أو بالفاء لم يصلح إلا تقديم المقدم، ثم الذي يليه واحداً: أحدا.
وأما قوله في هذا الشعر:
وكريم الخال من يمنٍ ... وكريم العم من مضره
فأضاف مضر إليه، فهو كلام لا يمنع منه ممتنع، قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه يوم الحمل للأشتر وهو مالك بن الحارث أخذ النخع ابن مرو بن علة بن جلد وكان على الميمنة: احمل. في أصحابه فكشف من بإزائه، ثم قال لهاشم بن عتبة بن مالك أحد بني زهرة بن كلاب وكان على المسيرة احمل. فحمل في المضرية فكشف من بإزائه. فقال علي رضي الله عنه لأصحابه: كيف رأيتم مضري ويمني! فأضاف القبيلتين إلى نفسه، قال جرير:
إن الذين ابتنوا مجداً ومكرمةً ... تلكم قريشي والأنصار أنصاري











مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید