المنشورات
إغارة النعمان بن المنذر على تميم
وذكر أبو عبيده بن المثنّى إن تميماً منعت النعمان الإتاوة، وهي الديان، فوجه إليهم أخاه الريّان بن المنذر، وكانت للنعمان خمس كتائب، إحداها الوضائع وهم قوم من الفرس كان كسرى يضعهم عنده عدّة ومدداً، فيقيمون سنة عند الملك من ملوك لخم، فإذا كان في رأس الحول ردّهم إلى أهليهم وبعث بمثلهم، وكتيبة يقال لها الشّبهاء وهي بيت الملك، وكانوا بيض الوجوه، يسمّون الأشاهب. وكتيبة ثالثة يقال لها الصنائع وهم صنائع الملك أكثرهم من بكر بن وائل. وكتيبة رابعةٌ يقال لها الرهائن وهم قوم كان يأخذهم من كل قبيلة فيكونون رهناً عنده ثم يوضع مكانهم مثلهم. والخامسة دوسر وهي كتيبة ثقيلة تجمع فرساناً وشجعاناً من كل قبيلة، فأعزاهم أخاه1، وجلّ من معه بكربن وائل، فاستاق النّعم وسبى الذّراريّ، وفي ذلك يقول أبو المشمرج اليشكريّ:
لمّا رأوا راية النعمان مقبلةً ... قالوا ألا ليت أدنى دارنا عدن
يا ليت أمّ تميم لم تكن عرفت ... مرّا وكانت كمن أودى به الزمن
إن تقتلونا فأعيارٌ مجدّعةٌ ... أو تنعموا فقديماً منكم المنن2
منهم زهير وعتّابٌ ومحتضرٌ ... ابنا لقيط وأودى في الوغى قطن
يقول النعمان في جواب هذا:
لله بكرٌ غداة الرّوع لو بهم ... أرمى ذرا حضنٍ زالت بهم حضن3
إذ لا أرى أحداً في النّاس أشبههم ... إلاّ فوارس خامت عنهم اليمن4
وهذا خبر طويل، فوفدت إليه بنو تميم فلما رآها أحب البقيا، فقال:
ما كان ضرّ تميماً لو تغمّدها ... من فضلنا ما عليه قيس عيلان
فأناب القوم وسألوه النساء، فقال النعمان: كل امرأة اختارت أباها ردّت إليه، وإن اختارت صاحبها تركت عليه. فكلّهن اختارت أباها، إلا ابنة لقيس بن عاصم فإنها اختارت صاحبها عمرو بن المشمرج، فنذر قيس ألاّ تولد له ابنةٌ إلا قتلها. فهذا شيء يعتلّ به من وأد، ويقول: فعلناه أنفةً، وقد أكذب ذلك بما أنزل الله تعالى في القرآن. وقال ابن عباس رحمه الله في تأويل هذه الآية: وكانوا لا يورثون، ولا يتخذون إلا من طاعن بالرّمح ومنع الحريم يريد الذّكران.
مصادر و المراجع :
١- الكامل في اللغة والأدب
المؤلف: محمد بن
يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)
المحقق: محمد أبو
الفضل إبراهيم
الناشر: دار
الفكر العربي - القاهرة
الطبعة: الطبعة
الثالثة 1417 هـ - 1997 م
1 يونيو 2024
تعليقات (0)