المنشورات

كتاب محمد بن عبد الله بن حسن إلى المنصور وردّه عليه

وكتب أمير المؤمنين المنصور إلى محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم لمّا كتب إليه محمدٌ:
"وعلم أني لست من أولاد الطّلقاء، ولا أولاد اللّعناء، ولا أعرقت فيّ الإماء، ولا حضنتني أمّهات الأولاد. ولقد علمت أن هاشما ولد عليا مرتين، وان عبد المطلب ولد الحسن مرتين، وأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولدني مرتين، من قبل جدّي الحسن والحسين". يعني أن أمّ عليّ فاطمة بنت أسد بن هاشم، وأمّ الحسن فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم، وأن أمّه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم.
فكتب إليه المنصور:
"أما ما ذكرت من ولادة هاشم عليّاً مرتين، وولادة عبد المطّلب الحسن مرتين، فخير الأولين والآخرين رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لم يلده هاشم إلا مرة واحدةً، ولا عبد المطلب إلاّ مرةً واحدةً، وله السبق إلى كلّ خير. ولقد علمت أنه بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمومته أربعةٌ، فآمن به اثنان، أحدهما أبي، وكفر به اثنان أحدهما أبوك، وأمّا ما ذكرت أنه لم تعرق فيك الإماء، فقد فخرت على بني هاشم طرا، أولهم إبراهيم ابن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم عليّ بن الحسين، الذي لم يولد فيكم بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مولودٌ مثله".
وهذه رسالة للمنصور طريفةٌ مستحسنةٌ جداً، سنمليها في موضها من هذا الكتاب، إن شاء الله.
وأنشدني الرّياشيّ:
إنّ أولاد السّراري ... كثروا يا ربّ فينا
ربّ أدخلني بلاداً ... لا أرى فيها هجينا
والهجين عند العرب: الذي أبوه شريفٌ وأمّه وضيعة?، والأصل في ذلك أن تكون أمّةً، وإنما قيل: "هجين" من أجل البياض، وكأنهم قصدوا قصد الرّوم والصّقالبة ومن أشبههم، والدليل على أن الهجين الأبيض أن العرب تقول: ما يخفى ذلك على الأسود والحمر، أي العربي والعجميّ، ويسمّون الموالي وسائر العجم الحمراء، وقد ذكرنا ذلك، ولذلك قال زيد الخيل:
أيقن أننا صهب السّبال1
أي كهؤلاء من العجم. وقال أبن الرّقيات:
إن تريني تغيّر اللّون منّي ... وعلا الشّيب مفرقي وقذالي
فظلال السيّوف شيّبن رأسي ... وطعاني في الحرب صهب السّبال
فقيل: هجين من هاهنا.
وإذا كانت الأمّ كريمةً والأب خسيساً قيل له: المذرّع، قال الفرزدق:
إذا باهليٌّ تحته حنظليّةٌ ... له ولدٌ منها فذاك المذرّع
وقال الآخر:
إنّ المذّرع لا تغني خئولته ... كالغل عن شوط المحاضير2
وإنما سمّي مذرّعا، للرّقمتين3 في ذراع البغل، وإنما صارتا فيه من ناحية الحمار، قال هدبة:
ورثت رقاش اللّؤم عن آبائها ... كتوارث الحميرات رقم الأذرع
وقال عبد الله بن العباس في كلام يجيب به ابن الزبير: والله إنه لمصلوب قريش، ومتى كان عوّام بن عوامٍ يطمع في صفيّة بنت عبد المطلبّ! من أبوك يا بغل? فقال: خالي الفرس!













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید