المنشورات

نقد كثير للشعراء

وحدثت أنعمر بن عبد الله بن أبي ربيعة أتى المدينة فأقام بها، ففي ذلك يقول:
يا خليلي قد مللت ثوائي ... بالمصلى وقد شنئت البقيعا
فلما أراد الشخوص شخص معه الأحوص بن محمدٍ؛ فلما نزلا ودان صار إليهما نصيب، فمضى الأحوص لبعض حاجته، فرجع إلى صاحبيه، فقال: إني رأيت كثيراً بموضع كذا، فقال عمر: فابعثوا إليه ليصير إلينا، فقال الأحوص: أهو يصير إليكم? هو والله أعظم كبراً من ذلك؛ قال: فذا نصير إليه، فصاروا إليه، وهو جالس على جلد كبش، فوالله ما رفع منهم أحداً ولا القرشي. ثم أقبل على القرشي، فقال: يا أخا قريش، والله لقد قلت فأحسنت في كثيرٍ من شعرك، ولكن خبرني عن قولك:
قالت لها أختها تعاتبها ... لا تفسدن الطواف في عمر1
قومي تصدي له ليبصرنا ... ثم اغمزيه يا أخت في خفر
قالت لها: قد غمزته فأبى ... ثم اسبطرت تشتد في أثري
والله لو قد قلت هذا في هرة أهلك ما عدا، أردت أن تنسب بها فنسبت بنفسك، أهكذا يقال للمرأة! إنما توصف بالخفر، وأنها مطلوبة ممتنعة، هلا قلت كما قال هذا? وضرب بيده على كتف الأحوص:
أدور ولولا أن رى أم جعفرٍ ... بابياتكم ما درت حيث أدور
وما كنت زواراً ولكن ذا الهوى ... إذا لم يزر لا بعد أن سيزور
لقد منعت معروفها أم جعفر ... وإني إلى معروفها لفقير
قال: فامتلأ الأحوص سروراً، ثم أقبل عليه فقال: يا أحوص، خبرني عن قولك:
فأن تصلي أصلك وإن تعودي ... لهر بعد وصلك لا أبالي
أما والله لو كنت من فحول الشعراء لباليت؛ هلا قلت مثل ما قال هذا? وضرب بيده على جنب نصيب:
بزينب ألمم قبل أن يظعن الركبُ ... وقل إن تملينا فما ملك القلبُ
قال: فانتفخ نصيب، ثم أقبل عليه فقال له: ولكن أخبرني عن قولك يا أسود:
أهيمُ بدعدٍ ما حييتُ وإن أمتْ ... فواحزاني من ذا يهيم بها بعدي
كأنك اغتممت ألا يفعل بها بعدك؛ ولا يكني، فقال بعضهم لبض: قوموا فقد استوت القرفة. وهي لعبة على خطوطٍ، فاستواؤها انقضاؤها.
قال أبو الحسن: الطبن هي السدر، فإذا زيد في خطوطه سمته العرب: القرفة، وتسميه العامة السدر.












مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید