المنشورات

أخبار الحجاج

ويروى: أن الحجاج [بن يوسف1] جلس لقتل أصحاب عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فقالم رجل منهم فقال: أصلح الله الأمير! إنّ لي عليك حقّا، قال: وما حقّك? قال: سبّك عبد الرحمن يوماً فرددت عليه، قال: من يعلم ذاك?
قال: أنشد الله رجلاً سمع ذاك إلاّ شهد به، فقام رجل من الأسراء1 فقال: قد كان ذاك أيها الأمير، قال: خلّوا عنه، ثم قال للشاهد: فما منعك أن تنكر كما أنكر? قال: لقديم بغضي إيّاك؛ قال: ويخلّى عنه لصدقه.
وقال عمر بن الخطاب لرجل -وهو أبو مريم السّلوليّ2-: والله لا أحبّك حتى تحبّ الأرض الدّم،. قال: أفتمنعني حقّا? قال: لا، قال: فلا بأس، إنّما يأسف على الحبّ النساء.
وقال الحجاج لرجل من الخوارج: والله إني لأبغظكم، فقال له الخارجي: ادخل الله أشدنا بغضا لصاحبه الجنة.
وأتى الحجاج بامرأة من الخوارج، فجعلت لا تنظر إليه؛ وكان يزيد بن أبي مسلم يرى رأي الخوارج ويكتم ذاك3، فأقبل على المرأة فقال: انظري إلى الأمير، فقالت: لا أنظر إلى من لا ينظر الله إليه. فكلّمها الحجاج وهي كالسّاهية، فقال لها يزيد: اسمهي ويلك من الأمير! فقالت: الويل لك أيها الكافر الرّدّيّ!.
قال أبو العباس: والرّدّيّ عند الخوارج الذي له عقدهم ويظهر خلافه رغبة في الدنيا.
وكان صالح بن عبد الرحمن كاتب الحجاج وصاحب دواوين العراق.
والذي قلب الدواوين إلى العربية، ثم كان على خراج العراق أيام ولي يزيد بن المهلّب [العراق1] فأشجى2 يزيد، وقد كان يرى رأي الخوارج فكايده يزيد بن أبي مسلم مولى الحجاج، فأشار على الحجاج أن يأمره بقتل جوّاب الضّبّيّ، وهو رأس من رؤوس الخوارج، وقال يزيد: إن فعل برئت منه الخوارج وقتلته، وإن أمسك قتله الحجاج، فقتله.
وخبّرت أنه قال: والله ما قتلته رغبة في الحياة، ولكنّي خفت يسبي الحجاج بناتي، وكان يقول [بعد3] : إنّي حين أقتل جوّاباً لحريص على الدنيا، فلما عذّبه عمر بن هبيرة في خلافة يزيد بن عاتكة رمي به على قمامة، وهو لمآبه4. فسمع يحكّم عليها5، وحكّم مالك بن المنذر بن الجارود، وهو بآخر رمق في سجن هشام بن عبد الملك.
ودخل يزيد بن أبي مسلم على سليمان بن عبد الملك، وكان دميماً، فلما رآه [سليمان6] قال: قبح الله رجلاً أجرّك رسنه7، وأشركك في أمانته! فقال له يزيد: يا أمير المؤمنين، رأيتني والأمر لك وهو عنّي مدبر، ولو رأيتني والأمر عليّ مقبل لاستكبرت منّي ما استصغرت، واستعظمت منّي ما استحقرت، فقال: أترى الحجاج استقرّ في قعر الجحيم بعد! فقال: يا أمير المؤمنين، لا تقل ذلك في الحجاج، فإنّ الحجاج وطّأ لكم المنابر، وأذل لكمالجبابر، وهو يجيء يوم القيامة عن يمين أبيك، وعن يسار أخيك فحيث كانا كان.













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید