المنشورات

سليك يرثي فرسه

فأما قول السليك فإنه يرثي فرسه، وكان يقال له النحام، فقال:
كأن قوائم النحام لما ... تحمل صحبتي أصلاً محار
على قرماء عالية شواه ... كأن بياض غرته خمار
وما يدريك ما فقري إليه ... إذا ما القوم ولوا أو أغاروا
ويحضر فوق جهد الحضر نصاً ... يصيدك قافلاً والمخ رار
قوله:
كأن قوائم النحام محار
المحارة: الصدفة، يريد الملاسة، وأنه قد ارتفعت قوائمه للموت. والأصل: جمع أصيل، والأصيل، والأصيل العشي، يقال: أصيل وأصل، مثل قضيب وقضب، وجمع أصل آصال، وهو جمع الجمع، وتقديره: عنق وأعناق، وطنب وأطناب. ويقال في جمع أصيلة أصائل، مثل خليفة وخلائف، قال الأعشى:
ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل1
وقال أبو ذؤيب:
لعمري لأنت البيت أكرم أهله ... وأقعد في أفيائه بالأصائل
وقرماء، ممدودة: اسم موضع. وشواه: قوائمه. وقد فسرناه قبل هذا. وقوله: ولوا أو أغاروا إذا طلبوا أو هربوا. وقوله: يصيدك أي يصيد لك، يقال: صدتك ظبياً، قال الله عز وجل: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} 1. أي كالوا لهم، أو وزنوا لهم، يقال: كلتك ووزنتك، لأنه قد قال تعالى أولاً: {إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} 2.
فأما ما جاء في الحديث من قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند الهبوب: "اللهم اجعلها رياحاً ولاتجعلها ريحاً"، فإن العرب تقول: لا تلقح السحاب إلا من رياح. وتصديق ذلك قول الله عز وجل: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً} 3. وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا هبت بحرية ثم تذاءبت" قال الشاعر:
تسح إذا تذاءبت الرياح
يقول: إذا تقابلت، يقال: تذاءبت الرياح، وتناوحت، أي تقابلت، وتناوح الشجر، إذا قابل بعضه بعضاً، وإنما سميت النائحة نائحة، لأنها تقابل صاحبتها.
فإذا خلصت الريح عندهم دبوراً فهي من جنس البوار، وإذا خلصت شمالاً شتوية فهي من آيات الجدب، ومن ثم تقول العرب: فلا يطعم في الشمال، كما تقول: يطعم في المحل. قال أوس بن حجر: وعزت الشمأل الرياح أي غلبتها، فكانت أقوى منها، فلم تدع لها موضعاً وقوله: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} 4 أي غلبني في المخاطبة والخصومة، ومن أمثال العرب: من عز بر وتأويله: من غلب استلب5، قالت الخنساء:
كأن لم يكونوا حمى يتقى ... إذا الناس إذ ذاك م عز بز













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید