المنشورات

عمارة بن عقيل يهجو بني أسد

وقال عمارة لبني أسد بن خزيمة:
يا أيها السائلي عمداً لأخبره ... بذات نفسي وأيدي الله فوق يدي
إن تستقم أسد ترشد وإن شغبت ... فلا يلم لائم إلا بني أسد
إني رأيتكم يعصى كبيركم ... وتكنعون إلى ذي الفجرة النكد1
فباعد الله كل البعد داركم ... ولا شفاكم من الأضغان والحسد
فرأى عصيانهم الكبير من إقبح العيب، وأدله على ضغن بعضهم لبعض، وحسد2 بعضهم بعضاً، والوضيع ينقلب إلى الشريف، لأنه يرى مقاولته فخراً، والاجتراء عليه ربحاً، كما أن مقاولة الشريف للئيم ذل وضعة. قال الشاعر:
إذا أنت قاولت اللئيم فإنما ... يكون عليك الفضل حين تقاوله3
ولست كمي يرضى بما غيره الرضا ... ويمسح رأس الذئب والذئب آكله
وسنشبع هذا المعنى إن شاء الله.
وفي هذا الشعر بيت يقدم في باب الفتك، وهو:
فلا تقربن أمر الصريمة بامرئ ... إذا رام أمراً عوقته عواذله
[وقل للفؤاد إن ترى بك نزوة ... من الروع أفرخ أكثر الروع باطله] 4
الصريمة: العزيمة.
وقد امتنع قوم من الجواب تنبلاً، ومواضعهم تنبئ عن ذلك، وامتنع قوم عياً بلا اعتلال، وامتنع قوم عجزاً1، واعتلوا بكرهة السفه، وبعضهم معتل برفعة نفسه2 عن خصمه، وبعضهم كان يسبه الرجل الركيك من العشيرة فيعرض عنه3 ويسب سيد قومه، وكانت الجاهلية ربما فعلته بقى الذحول4، قال الراجز:
إن بجيلاً كلما هجاني ... ملت على الأغطش أو أبان
أو طلحة الخير فتى الفتيان ... أولاك قوم شأنهم كشاني
ما بلت من أعراضهم كفاني ... وإن سكت عرفوا إحساني
وقال أحد المحدثين:
إني إذا هو كلب الحي قلت له ... إسلم، وربك مخنوق على الجرر
قوله: إسلم فاستأنف بألف الوصل، لأن النصف الأول موقوف عليه.
قال الشاعر:
ولا يبادر في الشتاء وليدنا5 ... القدر ينزلها بغير جعال
الجعال: الذي تنزل6 به البرمة، وربما توقيت به حرارتها.
قال الراجز:
لا نسب اليوم ولا خلة ... إتسع الخرق على الراقع
وهذا كثير غير معيب.
وفي مثل اختيار النبيل لتكافؤ الأغراض7 قول الأخطل:
شفى النفس قتلى من سليم وعامر ... ولم يشفها قتلى غني ولا جسر
ولا جشم شر القبائل إنها ... كبيض القطا ليسوا بسود ولا حمر
ولو ببني ذبيان بلت رماحنا ... لقرت بهم عيني وباء بهم وتري
وقال رجل من المحدثين، وهو حمدان بن بان اللاحقي:
أليس من الكبائر أن وغداً ... لآل معذل يهجو سدوسا
هجا عرضاً لهم غضاً جديداً ... وأهدف عرض والده اللبيسا
وقال آخر:
اللؤم أكرم من وبر ووالده ... واللؤم أكرم من وبر وما ولدا
قوم إذا جر جاني قومهم أمنوا ... من لؤم أحسابهم أن يقتلوا قودا
اللؤم داء لوبر يقتلون به ... لا يقتلون بداء غيره أبدا1
وقال رجل من المحدثين2:
أما الهجاء فدق عرضك دونه ... والمدح عنك كما علمت جليل
فاذهب فأنت طليق3 عرضك إنه ... عرض عززت به وأنت ذليل
وقال آخر:
نبئت كلباً هاب رميي له ... ينبحني من موضع نائي
لو كنت من شيء هجوناك أو ... لو بنت للسامع والرائي
فعد عن شتمي فإني امرؤ ... حلمني قلة أكفائي
وقال آخر1:
فلو أني بليت بهاشمي ... خؤولته بنو عبد المدان
صبرت على عداوته ولكن ... تعالي فانظري بمن ابتلاني













مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید