المنشورات

تقسيم غنائم خيبر

ويروى أن رجلاً أسود شديد بياض الثياب، وقف على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقسم غنائم خيبر - ولم تكن إلا لمن شهد الحديبية - فأقبل ذلك الأسود على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ماعدلت منذ اليوم! فغضب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى رئي الغضب في وجهه. فقال عمر بن الخطاب: ألا أقتله يا رسول الله? فقال رسول الله: "إنه سيكون لهذا ولأصحابه نبأ".
وفي حديث آخر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: "ويحك! فمن يعدل إذا لم أعدل?" ثم قال لأبي بكر: "اقتله" فمضى ثم رجع، فقال: يا رسول الله، رأيته راكعاً، ثم قال لعمر: "اقتله", فمضى ثم رجع، فقال: يا رسول الله رأيته ساجداً، ثم قال لعلي: "اقتله", فمضى ثم رجع، فقال: يا رسول الله لم أره، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو قتل هذا ما اختلف اثنان في دين الله".
قال أبو العباس: وحدثني إبراهيم بن محمد التميمي قاضي البصرة في إسناد ذكره، أن علياً رضي الله عنه وجه إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذهبة من اليمن، فقسمها أرباعاً فأعطى ربعاً للأقرع بن حابس المجاشعي، وربعاً لزيد الخيل الطائي، وربعاً لعيينة بن حصن الفزاري، وربعاً لعلقمة بن علاقة الكلابي. فقام إليه رجل مضطرب الخق غائر العينين، ناتئ الجبهة، فقال: رأيت قسمة ما أريد بها وجه الله!، فغضب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى تورد خداه، ثم قل: "أيأمنني الله عز وجل على أهل الأرض ولا تأمنوني? "! فقام إليه عمر فقال: ألا أقتله يا رسول الله? فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنه سيكون من ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، تنظر في النصل 1 فلا ترى شيئاً، وتنظر في الرصاف 2 فلا ترى شيئاً، وتتمارى في الفوق" 3.
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من ضئضئ هذا" أي من جنس هذا. يقال: فلان من ضئضئ صدق، في محتد صدق4، وفي مركب صدق. وقال جرير للحكم بن أيوب بن الحكم بن أبي عقيل، وهو ابن عم الحجاج، وكان عامله على البصرة:
أقبلن من ثهلان أو وادي حيم ... على قلاص مثل خيطان السلم5
إذا قطعن علما بدا علم ... حتى أنخناها إلى باب الحكم
خليفة الحجاج غير المتهم ... في ضئضئ المجد وبحبوح الكرم
ويقال: مرق السهم من الرمية، إذا نفذ منها، وأكثر ما يكون ذلك ألا يعلق به من دمها شيء، وأقطع ما يكون السيف إذا سبق الدم. قال امرؤ القيس بن عابس الكندي:
وقد أختلس الضربـ ... ـة لا يدمى لها نصلي
فأما ما وضعه الأصمعي في كتاب الاختيار. فعلى غلط وضع.















مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید