المنشورات

الرهين المرادي وشعره

وقال الرهين وكان رجلاً من مراد، وكان لا يرى القعود عن الحرب وكان في الدهاء ولمعرفة والشعر والفقه بقول الخوارج، بمنزلة عمران بن حطان، وكان عمران بن حطان في وقته شاعر قعد لصفرية ورئيسهم ومفتيهم.
وللرهين المرادي، ولعمران بن حطان مسائل كثيرة من أبواب العلم في القرآن والآثار، وفي السير والسنن، وفي الغريب، وفي1 الشعر، نذكر طريفها إن شاء الله. قال المرادي:
يا نفس قد طال في الدنيا مرواغتي ... لا تأمنن لصرف الدهر تنقيصا2
إني لبائع ما يفنى لباقية ... إن لم يعقني رجاء العيش تربيصا3
وأسأل الله بيع النفس محتسباً ... حتى ألاقي في الفردوس حرقوصا
[قال الأخفش: حرقوص: ذو الثدية] .
وابن المنيح ومرداساً وإخوته ... إذ فارقوا زهرة الدنيا مخاميصا4
قال أبو العباس: وهذه كلمة له، وله أشعار كثيرة في مذاهبهم.
وكان زياد ولى شيبان بن عبد الله الأشعري صاحب مقبرة بني شيبان باب عثمان وما يليه، فجد في طلب الخوارج وأخافهم، وكانوا قد5 كثروا، فلم يزل كذلك حتى أتاه ليلة - وهو متكئ بباب داره - رجلان من الخوارج، فضرباه بأسيافهما فقتلاه. وخرج بنون له للإغاثة فقتلوا، ثم قتلهما الناس. فأتي زياد بعد ذلك برجل من الخوارج، فقال: اقتلوه متكئاً كما قتل شيبان متكئاً. فصاح الخارجي: يا عدلاه! يهزأ به.
فأما قول جرير:
ومنا فتى الفتيان والبأس معقل ... ومنا الذي لاقى بدجلة معقلا
فإنه أراد معقل بن قيس الرياحي، ورياح بن يربوع، وجرير من كليب بن يربوع.
وقوله:
ومنا الذي لاقى بدجلة معقلا يريد المستورد التيمي، وهو من بني تيم1 بن عبد مناة بن أد، وتميم ابن مر بن أد.
وأما قول ابن الرقيات:
والذي نغص ابن دومة ما تو ... حي الشياطين والسيوف ظماء
فأباح العراق يضربهم بالسيف ... صلتاً وفي الضراب غلاء2
فإنما يريد بابن دومة المختار بن أبي عبيد الثقفي، والذي نغصه مصعب نب الزبير، وكان المختار لا يوقف له على مذهب، كان خارجياً، ثم صار زبيرياً، ثم صار رافضياً في ظاهره.
وقوله: "ما توحي الشياطين"، فإن المختار كان يدعي أنه يلهم ضرباً من السجاعة3 لأمور تكون، ثم يحتال فيوقعها، فيقول للناس: هذا من عند الله عز وجل.
فمن ذلك قوله ذات يوم: لتنزلن من السماء نار دهماء، فلتحرقن دار أسماء. فذكر ذلك لأسماء بن خارجة، فقال: أقد سجع بي أبو إسحاق! هو والله محرق داري! فتركه والدار وهرب من الكوفة.
وقال في بعض سجعه: أما والذي شرع الأديان، وجنب الأوثان، وكره العصيان، لأقلن أزد عمان، وجل قيس عيلان، وتميماً أولياء الشيطان، حاشا النجيب ظبيان! فكان ظبيان النجيب يقول: لم أزل في عمر المختار أتقلب آمناً.











مصادر و المراجع :

١- الكامل في اللغة والأدب

المؤلف: محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)

المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة

الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ - 1997 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید