المنشورات
قطري في يوم دولاب
قال أبو العباس: ومما قيل من الشعر في يوم دولاب قول قطري:
لعمرك إني في الحياة لزاهد ... وفي العيش ما لم ألق أم حكيم1
من الخفرات البيض لم ير مثلها ... شفاء لذي بث ولا لسقيم
لعمرك إني يوم ألطم وجهها ... على نائبات الدهر جد لئيم
ولو شهدتني يوم دولاب أبصرت ... طعان فتى في الحرب غير ذميم
غداة طفت علماء بكر بن وائل ... وعجنا صدور الخيل نحو تميم
وكان لعبد القيس أول جدها ... وأحلافها من يحصب وسليم2
وظلت شيوخ الأزد في حومة الوغى ... تعوم وظلنا في الجلاد نعوم3
فلم أر يوماً كان أكثر مقعصاً ... يمج دماً من فائظ وكليم4
وضاربة خدا كريماً على فتى ... أغر نجيب الأمهات كريم
أصيب بدولاب ولم تك موطناً ... له أرض دولاب ودير حميم5
فلو شهدتنا يوم ذاك وخلنا ... تبيح من الكفار كل حريم
رأت فتية باعوا الإله نفوسهم ... بجنات عدن عنده ونعيم
قوله: "ولو شهدتنا يوم دولاب" فلم ينصرف "دولاب" فإنما ذاك لأنه أراد البلدة، ودولاب: أعجمي، معرب، وكل ما كان من الأسماء الأعجمية نكرة بغير الألف واللام، فإذا دخلته الألف واللام فقد صار معرباً، وصار على قياس الأسماء العربية، لا يمنعه من الصرف إلا ما يمنع العربي، فدولاب،" فوعال" مثل طومار وسولاف. وكل شيء لا يخص واحداً من الجنس م غيره فهو نكرة، نحو: رجل، لأن هذا الاسم يلحق كل ما كان على بنيته، وكذلك حمل وجبل وما أشبه ذلك، فإن وقع الاسم في كلام العجم معرفة فلا سبيل إلى إدخال الألف واللام عليه، لأنه معرفة، فلا معنى لتعريف آخر فيه، فذلك غير منصرف، نحو فرعون وقارون، وكذلك إسحاق وإبراهيم، ويعقوب.
وقوله:
غداة طفت علماء بكر بن وائل
وهو يريد على الماء، فإن العرب إذا التقت في مثل هذا الموضع لامان استجازوا حذف إحداهما استثقالاً للتضعيف، لأن ما بقي دليل على ما حذف، يقولون، لأن ما بقي دليل على ما حذف، يقولون "علماء بنو فلان" كما قال الفرزدق:
وما سبق القيسي من ضعف حيلة ... ولكن طفت علماء قلفة خالد
وكذلك كل اسم من أسماء القبائل تظهر فيه لام المعرفة فإنهم يجيزون معه حذف النون التي في قولك بنو لقرب مخرج النون من اللام، وذلك قولك: فلان من بلحارث وبلعنبر، وبلهجيم.
وقال آخر نم الخوارج:
يرى من جاء ينظر من دجيل ... شيوخ الأزد طافية لحاها1
وقال رجل منهم:
شمت ابن بدر والحوادث جمة ... والحائرون بنافع بن الأزرق
والموت حتم لا محالة واقع ... من لا يصبحه نهاراً يطرق
فلئن أمير المؤمنين أصابه ... ريب المنون فمن يصبه يغلق
نصب بعد "إن" لأن حرف الجزاء للفعل، فإنما أراد: فلئن أصاب أمير المؤمنين، فلما حذف هذا الفعل وأضمر ذكر أصابه ليدل عليه، ومثله قول النمر بن تولب:
لا تجزعي إن منفساً أهلكته ... وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي
وقال ذو الرمة:
إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته ... فقام بفأس بين وصليك جازر1
لأن إذا لا يليها إلا الفعل، وهي به أولى.
مصادر و المراجع :
١- الكامل في اللغة والأدب
المؤلف: محمد بن
يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)
المحقق: محمد أبو
الفضل إبراهيم
الناشر: دار
الفكر العربي - القاهرة
الطبعة: الطبعة
الثالثة 1417 هـ - 1997 م
3 يونيو 2024
تعليقات (0)