المنشورات
مرثية يزيد المهلبي في المتوكل
ومما اخترنا من مرثية يزيد المهلبي للمتوكل على الله قوله:
لا حزن إلا أراه دون ما أجد ... وهل كمن فقدت عيناي مفتقد!
لا يبعدن هالك كانت منيته ... كما هوى عن عطاء الزبية الأسد1
لا يدفع الناس ضيماً بعد ليلتهم ... إذ لا تمد إلى الجاني عليك يد
لو أن سيفي وعقلي حاضران له ... أبليته الجهد إذ لم يبله أحد
جاءت منيته العين هاجعة ... هلا أتته المنايا والقنا قصد1!
هلا أتته أعاديه مجاهرة ... والحرب تسعر والأبطال تجتلد
فخر فوق سرير الملك منجدلاً ... لم يحمه ملكه لما انقضى الأمد
قد كان أنصاره يحمون حوزته ... وللردى دون أرصاد الفتى رصد2
وأصبح الناس فوضى يعجبون له ... ليثاً صريعاً تنزى حوله النقد3
علتك أسياف من لا دونه أحد ... وليس فوقك إلا الواحد الصمد
جاؤوا عظيماً لدنيا يسعدون بها ... فقد شقوا بالذي جاؤوا وما سعدوا
ضجت نساؤك بعد العز حين رأت ... خداً كريماً عليه قارت جسد
أضحى شهيد بني العباس موعظة ... لكل ذي عزة في رأسه صيد4
حليفة لم ينل ما ناله أحد ... ولم يضع مثله روح ولا جسد
كم في أديمك من فوهاء هادرة ... من الجوائف يغلي فوقها الزبد5
إذا بكيت فإن الدمع منهمل ... وإن رثيت فإن القول مطرد
قد كنت أسرف في مالي وتخلف لي ... فعلمتني الليالي كيف أقتصد
لما اعتقدتم أناساً لا حلوم لهم ... ضعتم وضيعتم من كان يعتقد
ولو جعلتم على الأحرار نعمتكم ... حمتكم السادة المذكورة الحشد
قوم هم الجذم والأنساب تجمعهم ... والمجد والدين والأرحام والبلد6
إذا قريش أرادوا شد ملكهم ... بغير قحطان لم يبرح به أود
قد وتر الناس طراً ثم قد صمتوا ... حتى كأن الذي نيلوا به رشد
من الألى وهبوا للمجد أنفسهم ... فما يبالون ما نالوا إذا حمدوا
[قال أبو الحسن، قوله: قارت، يقال: قرت الدم يقرت قروتاً. ودم قارت. قد يبس بين الجلد واللحم، ومسك قارت، وهو أخفه وأجوده، قال:
يعل بقرات من المسك قاتن
وقرات، فعال، وقاتن، مسك قاتن قد قتن قتوناً، أي يابس لا ندوة فيه]
مصادر و المراجع :
١- الكامل في اللغة والأدب
المؤلف: محمد بن
يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ)
المحقق: محمد أبو
الفضل إبراهيم
الناشر: دار
الفكر العربي - القاهرة
الطبعة: الطبعة
الثالثة 1417 هـ - 1997 م
6 يونيو 2024
تعليقات (0)