المنشورات

هب لي خنيسًا

البحر: طويل
كانت امرأة من أهل الشام، وكان لها ابن مكتبه بالسند، فجمر، والتجمير أن يترك في البعث ولا يرد، فصانعت في إذنه، فأعياها، وطلبت حتى شهرت فقال لها قائل: هل لك فيمن إن طلب لك أذن لابنك وهو أيسر من تطلبين كلامًا؟ قالت: وددت ذاك، قال: الفرزدق. قالت: من لي به، وهو بالبصرة؟ قال: اركبي الساعة سفينة حتى تأتي البصرة فسلي عن منزله فقولي: إني عذت بقبر غالب. فإذا سألك، فأخبريه، ففعلت، فأتته وهو في البيت، فلما قيل له امرأة بالباب تسأل عنك كاد يطير من الفرح، ووثب يعدو إليها، فلما رأته قالت: إني عذت بقبر غالب. قال وما حاجتك؟ قالت: ابن لي ليس لي ولد غيره قد جمر بالسند، وقد صانعت فيه فأعياني ذلك، وأخبرته بما قيل لها فيه، فقال: يا غلام هات رقا ودواة، وقال: ما اسم ابنك؟ قالت: خنيس، فقال الفرزدق، وكتب بها إلى عامل الناحية التي ابنها فيها:
(كَتَبتُ وَعَجَّلتُ البِرادَةَ إِنَّني ** إِذا حاجَةٌ طالَبتُ عَجَّت رِكابُها)
(وَلي بِبِلادِ الهِندِ عِندَ أَميرِها ** حَوائِجُ جَمّاتٌ وَعِندي ثَوابُها)
(فَمِن تِلكَ أَنَّ العامِرِيَّةَ ضَمَّها ** وَبَيتي نَوارَ طابَ مِنها اِقتِرابُها)
(أَتَتني تَهادى بَعدَما مالَتِ الطُلى ** وَعِندي رَداحُ الجَوفِ فيها شَرابُها)
(فَقُلتُ لَها إيهِ اِطلُبي كُلَّ حاجَةٍ ** لَدَيَّ وَخَفَّت حاجَةٌ وَطِلابُها)
(فَقالَت سِوى اِبني لا أُطالِبُ غَيرَهُ ** وَقَد بِكَ عاذَت كَلثَمٌ وَغِلابُها)
(تَميمَ بنَ زَيدٍ لا تَهونَنَّ حاجَتي ** لَدَيكَ وَلا يَعيا عَلَيَّ جَوابُها)
(وَلا تَقلِبَن ظَهراً لِبَطنٍ صَحيفَتي ** فَشاهِدُ هاجيها عَلَيكَ كِتابُها)
(وَهَب لي خُنَيساً وَاِتَّخِذ فيهِ مِنَّةً ** لِحَوبَةِ أُمٍّ ما يَسوغُ شَرابُها)
ثم قال: أعندك رسول؟ قالت: نعم! فسرحت به رسولا. فلما قدم كتابه على تميم سأل عن الرجل، ولم يزل يبحث عنه حتى قيل له: هو من مرابطة التاكيان، فكتب فيه حتى أتوا به، فسأله: ما بينك وبين الفرزدق؟ فقال: ما يعرفني. قال: فإنه قد كتب فيك. وحمله البريد وكساه، وبعث معه رسولاً، وقال: ادفعه إلى الفرزدق، فقدم به إلى البصرة فقال: النجاء إلى أمك.












مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید