المنشورات
سيروا فإن ابن ليلى من أمامكم
البحر: بسيط تام
يمدح عمر بن عبدالعزيز
(زَارَتْ سُكَيْنَةُ أطْلاحاً أناخَ بهِمْ ** شَفَاعةُ النّوْمِ للعَيْنَينِ وَالسّهَرُ)
(كَأنّمَا مُوّتوا بالأمسِ إذْ وَقَعُوا، ** وقدْ بدتْ جددٌ ألوانها شهرُ)
(وقد يهيجُ على الشّوقِ، الذي بعثْ ** أقْرَانُهُ، لائِحَاتُ البَرْقِ وَالذِّكَرُ)
(وساقينا منْ قبساً يزجي ركائبنا ** إليكَ منتجعُ الحاجاتِ والقدرُ)
(وَجَائِحاتٌ ثَلاثٌ مَا تَرَكْنَ لَنَا ** مالاً به بعدهنّ الغيثُ ينتظرُ)
(ثِنتانِ لمْ تَتْرُكَا لَحماً، وَحاطِمَةٌ ** بالعظمِ حَمرَاءُ حتى اجتيحت الغُرَرُ)
(فقلتُ: كيفَ بأهلي حينَ عضَ بهمْ ** عامٌ لهُ كلُّ مالٍ معنقِ جزرُ)
(عَامٌ أتَى قَبْلَهُ عَامَانِ مَا تَرَكَا ** مالاً ولا بلّ عوداً فيهما مطرُ)
(تَقُولُ لَمّا رَأتْني، وَهْيَ طَيّبَةٌ ** على الفِرَاشِ وَمِنِا الدّلُّ والخَفَرُ)
(كَأنّني طَالِبٌ قَوْماً بِجَائحَةٍ، ** كَضَرْبَةِ الفَتْكِ لا تُبقي وَلا تَذَرُ:)
(أصدرِ همومكَ لا يقتلكَ واردها ** فكُلُّ وَارِدَةٍ يَوْماً لَهَا صَدَرُ)
(لما تفرقَ بي همي جمعتُ لهُ ** صَرِيمَةً لمْ يَكُنْ في عَزْمها خَوَرُ)
(فقلاتُ: ما هو إلا الشأمُ تركبهُ، ** كَأنّمَا المَوْتُ في أجْنَادِهِ البَغَرُ)
(أو أن تزورَ تميماً في منازلها ** بمروَ، وهي مخوفٌ، دونها الغررُ)
(أوْ تَعطِفَ العِيسَ صُعراً في أزِمّتِها ** إلى ابنِ لَيلى إذا ابزَوْزى بكَ السّفرُ)
(فَعُجْتُهَا قِبَلَ الأخْيَارِ مَنْزِلَةً، ** وَالطّيّبي كُلِّ مَا التاثَتْ بهِ الأُزُرُ)
(قَرّبْتُ مُحلِفَةً أقْحَاد أسْنُمِهَا، ** وهنٌ منْ نعمِ ابني داعرٍ سررُ)
(مِثْلُ النّعَائِمِ يُزْجِينَا تَنَقُّلَهَا ** إلى ابنِ لَيلى بِنَا، التّهْجيرُ وَالبُكَرُ)
(خوصاً حراجيج ما تدري أما نقبتْ ** أشكى إليها إذا راحتْ أمٍ الدَّبرُ)
(إذا تروحَ عنها البردُ حلّ بها، ** حيثُ التقى بأعالي الأسهبِ العكرُ)
(بحَيثُ ماتَ هَجيرُ الحَمضِ وَاختلطتْ ** لَصَافِ حَوْلَ صَدى حَسَانَ وَالحفرُ)
(إذا رَجا الرّكْبُ تَعرِيساً ذكرْتُ لَهُمْ ** غَيْثاً يَكونُ على الأيْدي له دِرَرُ)
(وَكَيْفَ تَرْجونَ تَغميضاً وَأهْلُكُمُ ** بحيثُ تلحسُ عن أولادها البقرُ)
(ملقونَ بالَّببِ الأقصى، مقابلهم ** عِطْفاً قَساً، وَبِرَاقٌ سَهلَةٌ عُفَرُ)
(وأقرَبُ الرّيفِ منهمْ سَيرُ مُنجَذِبٍ ** بالقَوْمِ سَبْعَ لَيَالٍ رِيفُهُمْ هَجَرُ)
(سيروا فإنّ ابن ليلى منْ أمامكمْ ** وبادروهُ فإنّ العرفَ مبتدرُ)
(وبادروا بابنِ ليلى الموتَ، إنْ لهُ ** كَفّينِ مَا فِيهِمَا بُخْلٌ وَلا حَصَرُ)
(أليسَ مروانُ والفاروقُ قدْ رفعا ** كَفّيْهِ، وَالعُودُ ماءَ العِرْقِ يَعتصِرُ)
(ما اهتزّ عودٌ لهُ عرقانِ مثلهما، ** إذا تروحَ في جرثومهِ الشجرُ)
(ألفيتَ قومكَ لمْ يتركْ لأثلتهمْ ** ظِلٌّ وَعَنْهَا لِحَاءُ السّاقِ يُقتَشَرُ)
(فَأعْقَبَ الله ظِلاًّ فَوْقَهُ وَرَقٌ، ** مِنْهَا بِكَفّيْكَ فيه الرّيشُ وَالثّمَرُ)
(وَمَا أُعِيدَ لَهُمْ حَتى أتَيْتَهُمُ، ** أزْمانَ مَرْوَانَ إذْ في وَحْشِا غِرَرُ)
(فأصبحوا قدْ أعادَ اللهُ نعمتهمْ ** إذْ همْ قريشٌ وإذْ ما مثلهمْ بشرُ)
(وَهُمْ إذا حَلَفُوا بالله مُقْسِمُهُمْ ** يقولُ: لا والدي منْ فضلهِ عمرُ)
(على قُرَيشٍ إذا احتَلّتْ وَعَضّ بهَا ** دَهْرٌ، وَأنْيَابُ أيّامٍ لَهَا أثَرُ)
(وما أصابتْ منَ اليامِ جائحةٌ ** للأصْلِ إلاّ وَإنْ جَلّتْ سَتُجتَبَرُ)
(وقد حمدتَ بأخلاقٍ خبرتَ بها ** وَإنّمَا، يا ابن لَيلى، يُحمَدُ الخَبَرُ)
(سَخاوَةٌ من نَدى مَرْوَانَ أعْرِفُهَا، ** والطعنُ للخيلِ في أكتافها زورُ)
(ونائلٌ لابنِ ليلى لو تضمنهُ ** سَيْلُ الفُرَاتِ لأمْسَى وَهوَ مُحتَقَرُ)
(وكانَ آل أبي العاصي إذا غضبوا ** لا ينقصونَ إذا ما استحصدَ المررُ)
(يأبى لهمْ طولُ أيديهمْ وأنّ لهمْ ** مجدّ الرَّهانِ إذا ما أعظمَ الخطرُ)
(إنْ عاقَبُوا فالمَنايا مِنْ عُقُوبَتِهِمْ، ** وَإنْ عَفَوْا فَذوْو الأحلامِ إنْ قَدرُوا)
(لا يستثيبونَ نعماهمْ إذا سلفتْ، ** وليس في فضلهم من ولا كدر)
(كمْ فرّقَ اللهُ منْ كيدٍ وجمعهُ ** بِهمْ، وَأطْفَأ مِنْ نَارٍ لهَا شَرَرُ)
(وَلَنْ يَزَالَ إمَامٌ مِنهُمُ مَلِكٌ، ** إليهِ يشخصُ فوقَ المنبرِ البصيرُ)
مصادر و المراجع :
١- ديوان الفرزدق
المؤلف: أبي فراس
همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم،
ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.
(38 هـ - 658 م)
(110 هـ - 728 م)
شرحه وضبطه وقدّم
له: الأستاذ علي فاعور
الناشر: دار
الكتب العلمية
بيروت - لبنان
الطبعة: الأولى
(1407 هـ - 1987 م)
7 يونيو 2024
تعليقات (0)