المنشورات

سأبكيك ما كانت بنفسي حشاشة

البحر: طويل
يرثي محمد بن العاص بن سعيد بن أمية ومات بالشام.
(سَقى أَريِحاءَ الغَيثُ وَهيَ بَغيضَةٌ ** إِلَيَّ وَلَكِن بي لِيُسقاهُ هامُها)
(مِنَ العَينِ مُنحَلُّ العَزالي تَسوقُهُ ** جَنوبٌ بِأَنضادٍ يَسُحُّ رُكامُها)
(إِذا أَقلَعَت عَنها سَماءٌ مُلِحَّةٌ ** تَبَعَّجَ مِن أُخرى عَلَيكَ غَمامُها)
(فَبِتُّ بِدَيرَي أَريِحاءَ بِلَيلَةٍ ** خُدارِيَّةٍ يَزدادُ طولاً تَمامُها)
(أُكابِدُ فيها نَفسُ أَقرَبِ مَن مَشى ** أَبوهُ لِنَفسٍ ماتَ عَنّي نِيامُها)
(وَكانَ إِذا أَرضٌ رَأَتهُ تَزَيَّلَت ** لِرُؤيَتِهِ صَحراؤُها وَإِكامُها)
(تَرى مَزِقَ السِربالِ فَوقَ سَمَيدَعٍ ** يَداهُ لِأَيتامِ الشِتاءِ طَعامُها)
(عَلى مِثلِ نَصلِ السَيفِ مَزَّقَ غِمدَهُ ** مَضارِبُ مِنهُ لا يُفَلَّ حُسامُها)
(وَكانَت حَياةَ الهالِكينَ يَمينُهُ ** وَلِلنَيبِ وَالأَبطالِ فيها سِمامُها)
(وَكانَت يَداهُ المِرزَمَينِ وَقِدرُهُ ** طَويلاً بِأَفناءِ البُيوتِ صِيامُها)
(تَفَرَّقُ عَنها النارُ وَالنابُ تَرتَمي ** بِأَعصابُها أَرجاؤُها وَاِهتِزامُها)
(جِماعٌ يُؤَدّي اللَيلُ مِن كُلِّ جانِبٍ ** إِلَيها إِذا وارى الجِبالَ ظَلامُها)
(يَتامى عَلى آثارِ سودٍ كَأَنَّها ** رِئالٌ دَعاها لِلمَبيتِ نَعامُها)
(لِمَن أَخطَأَتهُ أَريِحاءُ لَقَد رَمَت ** فَتىً كانَ حَلّالَ الرَوابي سِهامُها)
(لَئِن خَرَّمَت عَنّي المَنايا مُحَمَّداً ** لَقَد كانَ أَفنى الأَوَّلينَ اِختِرامُها)
(فَتىً كانَ لا يُبلي الإِزارَ وَسَيفُهُ ** بِهِ لِلمَوالي في التُرابِ اِنتِقامُها)
(فَتىً لَم يَكُن يُدعى فَتىً لَيسَ مِثلَهُ ** إِذا الريحُ ساقَ الشَولَ شَلّاً جَهامُها)
(فَتىً كَشِهابِ اللَيلِ يَرفَعُ نارَهُ ** إِذا النارُ أَخباها لِسارٍ ضِرامُها)
(وَكُنّا نَرى مِن غالِبٍ في مُحَمَّدٍ ** خَلايِقَ يَعلو الفاعِلينَ جِسامُها)
(تَكَرُّمَهُ عَمّا يُعَيَّرُ وَالقِرى ** إِذا السَنَةُ الحَمراءُ جَلَّحَ عامُها)
(وَكانَ حَياً لِلمُمحِلينَ وَعِصمَةً ** إِذا السَنَةُ الشَهباءُ حَلَّ حَرامُها)
(وَقَد كانَ مِتعابَ المَطِيِّ عَلى الوَجا ** وَبِالسَيفِ زادُ المُرمِلينَ اِعتِيامُها)
(وَما مِن فَتىً كُنّا نَبيعُ مُحَمَّداً ** بِهِ حينَ تَعتَزُّ الأُمورُ عِظامُها)
(إِذا ما شِتاءُ المَحلِ أَمسى قَدِ اِرتَدى ** بِمِثلِ سَحيقِ الأُرجُوانِ قِتامُها)
(أَقولُ إِذا قالوا وَكَم مِن قَبيلَةٍ ** حَوالَيكَ لَم يُترَك عَلَيها سِنامُها)
(أَبى ذِكرَ سَوراتٍ إِذا حُلَّتِ الحُبى ** وَعِندَ القِرى وَالأَرضُ بالٍ ثُمامُها)
(سَأَبكيكَ ماكانَت بِنَفسي حُشاشَةٌ ** وَما دَبَّ فَوقَ الأَرضِ يَمشي أَنامُها)
(وَما لاحَ نَجمٌ في السَماءِ وَما دَعا ** حَمامَةَ أَيكٍ فَوقَ ساقٍ حَمامُها)
(فَهَل تَرجِعُ النَفسَ الَّتي قَد تَفَرَّقَت ** حَياةُ صَدىً تَحتَ القُبورِ عِظامُها)
(وَلَيسَ بِمَحبوسٍ عَنِ النَفسِ مُرسَلٌ ** إِلَيها إِذا نَفسٌ أَتاها حِمامُها)
(لَعَمري لَقَد سَلَّمتُ لَو أَنَّ جِثوَةً ** عَلى جَدَثٍ رَدَّ السَلامَ كَلامُها)
(فَهَوَّنَ وَجدي أَنَّ كُلَّ أَبي اِمرِئٍ ** سَيُثكَلُ أَو يَلقاهُ مِنها لِزامُها)
(وَقَد خانَ ما بَيني وَبَينَ مُحَمَّدٍ ** لَيالٍ وَأَيّامٌ تَناءى اِلتِئامُها)
(كَما خانَ دَلوَ القَومِ إِذ يُستَقى بِها ** مِنَ الماءِ مِن مَتنِ الرِشاءِ اِنجِذامُها)
(وَقَد تَرَكَ الأَيّامُ لي بَعدَ صاحِبي ** إِذا أَظلَمَت عَيناً طَويلاً سِجامُها)
(كَأَنَّ دَلوحاً تُرتَقى في صُعودِها ** يُصيبُ مَسيلَي مُقلَتَيَّ سِلامُها)
(عَلى حُرِّ خَدّي مِن يَدَي ثَقَفِيَّةٍ ** تَناثَرَ مِن إِنسانِ عَيني نِظامُها)
(لَعَمري لَقَد عَوَّرتُ فَوقَ مُحَمَّدٍ ** قَليباً بِهِ عَنّا طَويلاً مَقامُها)
(شَآمِيَّةً غَبراءَ لا غولَ غَيرُها ** إِلَيها مِنَ الدُنيا الغَرورِ اِنصِرامُها)
(فَلِلَّهِ ما اِستَودَعتُمُ قَعرَ هُوَّةٍ ** وَمِن دونِهِ أَرجاؤُها وَهِيامُها)
(بِغورِيَّةِ الشَأمِ الَّتي قَد تَحُلُّها ** تَنوخُ وَلَخمٌ أَهلُها وَجُذامُها)
(وَقَد حَلَّ داراً عَن بَنيهِ مُحَمَّدٌ ** بَطيئاً لِمَن يَرجو اللِقاءَ لِمامُها)
(وَما مِن فِراقٍ غَيرَ حَيثُ رِكابُنا ** عَلى القَبرِ مَحبوسٌ عَلَينا قِيامُها)
(تُناديهِ تَرجو أَن يُجيبَ وَقَد أَتى ** مِنَ الأَرضِ أَنضادٌ عَلَيهِ سِلامُها)
(وَقَد كانَ مِمّا في خَليلَي مُحَمَّدٍ ** شَمائِلُ لا يُخشى عَلى الجارِ ذامُها)














مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید