المنشورات

تَبَلَتْ فؤادَكَ في المنامِ خَريدة

قال حسان يفتخر بيوم بدر ويعير الحارث بن هشام بفراره عن أخيه أبي جهل بن هشام، ثم حسن إسلامه بعد واستشهد باجنادين رضي الله عنه.
البحر: كامل
عنوان القصيدة: تَبَلَتْ فؤادَكَ في المنامِ خَريدة

تَبَلَتْ فؤادَكَ في المنامِ خَريدة ٌ،
تسقي الضجيعَ بباردٍ بسامِ

كالمسكِ تخلطهُ بماءِ سحابة ٍ،
أوْ عاتقٍ كدمِ الذبيحِ مُدامِ
نُفُجُ الحقيبة ِ بَوْصُها مُتَنَضِّدٌ،
بلهاءُ، غيرُ وشيكة ِ الأقْسامِ

بنيتْ على قطنٍ أجمَّ كأنهُ،
فُضُلاً إذا قعدَتْ، مَداكُ رُخامِ

وتكادُ تكسلُ أن تجيء فراشها،
في لينِ خرعبة ٍ، وحسنِ قوامِ

أما النهارُ، فلا أفترُ ذكرها،
والليلُ توزعني بها أحلامي

أقسمتُ أنساها، وأتركُ ذكرها،
حتى تُغيَّبَ في الضّريحِ عظامي

يا من لعاذلة ٍ تلومُ سفاهة ً،
ولقد عصَيتُ، إلى الهَوى، لُوّامي

بكرتْ إليّ بسحرة ٍ، بعدَ الكرى،
وتقاربٍ منْ حادثِ الأيامِ

زعمتْ بأنّ المرءَ يكربُ يومه
عُدْمٌ لمُعتكِرٍ منَ الأصْرَامِ

إنْ كنتِ كاذبة َ الذي حدّثتِني،
فنجوتِ منجى الحارثِ بن هشامِ

تَرَكَ الأحِبّة َ أنْ يقاتلَ دونَهمْ،
وَنجا برَأس طِمِرَّة ٍ وَلِجامِ

جرواءَ، تمزعُ في الغبارِ كأنها
سرحانُ غابٍ في ظلالِ غمامِ

تذرُ العناجيجَ الجيادَ بقفرة ٍ،
مرَّ الدموكِ بمحصدٍ ورجامِ
ملأتْ به الفرجينِ، فارمدتْ بهِ،
وثوى أحبتهُ بشرّ مقامِ

وبنو أبيهِ ورهطهُ في معركٍ،
نَصَرَ الإلهُ بهِ ذوي الإسْلامِ

لولا الإلهُ وجريها لتركنهُ
جزرَ السباعِ، ودسنهُ بحوامي

طَحَنَتْهُمُ والله يَنْفُذُ أمرُهُ،
حَرْبٌ يُشَبُّ سَعِيرُها بِضِرَامِ

منْ كلّ مأسورٍ يُشَدُّ صفادُهُ،
صَقرٍ، إذا لاقَى الكتِيبَة َ حامي

ومُجَدَّلٍ لا يَستجيبُ لِدعوَة ٍ،
حتّى تَزُولَ شوَامخُ الأعلامِ

بالعارِ والذلّ المبينِ، إذ رأوا
بيضَ السيوفِ تسوقُ كلَّ همامِ

بيديْ أغرَّ، إذا انتمى لم يخزهِ
نسَبُ القِصارِ، سميذعٍ، مِقدامِ

بِيضٌ، إذا لاقتْ حديداً صمّمتْ
كالبرقِ تحت ظلالِ كلّ غمامِ

ليسوا كيعمر حين يشتجِرُ القَنا،
والخيلُ تَضْبُرُ تحت كلّ قَتامِ

فسلحتَ، إنك من معاشرِ خانة ٍ،
سلحٍ، إذا حضر القتالُ، لئامُ

فَدعِ المكارِمَ، إنّ قوْمَكَ أُسرة ٌ،
مِنْ وُلدِ شجْعٍ غيرُ جِدِّ كِرَامِ
من صُلبِ خِندِف ماجدٍ أعرَاقُهُ،
نجلتْ بهِ بيضاءُ ذاتُ تمامِ

ومرنحٍ فيهِ الأسنة ُ شرعاً،
كالجَفرِ غيرِ مُقابَلِ الأعْمَامِ












مصادر و المراجع :

١- ديوان حسان بن ثابت

المؤلف: حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد (المتوفى: 54 هـ)

شرحه وكتب هوامشه وقدم له: الأستاذ عبدأ مهنا

الناشر: دار الكتب العلمية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

<div>البيت من معلقة طرفة بن العبد. يقول: إنّ الأيام ستكشف لك ما كان مستترا عنك وستأتيك الأخبار من غي...

المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

<div>البيت لقطري بن الفجاءة، والخطاب لنفسه.</div><div>والشاهد: «فصبرا»، و «صبرا» حيث حذف منه فعله وه...

المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

<div>فما حسن أن تأتي الأمر طائعا … وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا</div><div>قفا ودعا نجدا ومن حل بالحمى...

المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

<div>البيت لامرئ القيس من معلقته.</div><div>وقوله: أفاطم: الهمزة لنداء القريب، وفاطم: بالفتح، منادى...

المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

منسوب إلى أبي النجم، وقيل لغيره.<br><div><div>والبيت شاهد على استخدام المثنى بالألف دائما وهو «غايتا...

المزید