المنشورات

نحن أهل الحق

فقال له رجل أتذكر قومًا كانوا ملوكًا فأبادهم الله وأفناهم فقال ممن الرجل قال مزني قال أما والله لولا سوابق قومك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لطوقتك طوق الحمامة وقال للرجل جاء من عند جبلة ما كان ليخل بي خليلي فما قال لك قال الرجل قال لي أن وجدته حيًا فادفعها إليه وأن وجدته ميتًا فاطرح الثياب على قبره وابتع بهذه الدنانير بدنًا فانحرها على قبره. فقال حسان: ليتك وجدتني ميتًا ففعلت ذلك بي.
وقال:
البحر: طويل
عنوان القصيدة: نحن أهل الحق

لمنْ منزلٌ عافٍ كأنّ رسومهُ
خياعيلُ ريطٍ سابريٍّ مرسمِ

خلاءُ المبادي ما بهِ غيرُ ركدٍ
ثَلاثٍ، كأمثالِ الحمائمِ جُثَّمِ

وغيرُ شَجِيجٍ ماثِلِ حالَفَ البِلى،
وغيرُ بقايا كالسحيقِ المنمنمِ

تَعُلُّ رِياحُ الصَّيْفِ بالي هَشِيمهِ،
على ماثلٍ كالحوْضِ، عافٍ، مُثلَّمِ

كستهُ سرابيلَ البلى بعدَ عهدهِ،
وجونٌ سرى بالوابلِ المتهزمِ
وَقدْ كانَ ذا أهْلٍ كبيرٍ وَغِبْطَة ٍ،
إذا الحبلُ، حبلُ الوصلِ، لم يتصرمِ

وإذْ نحنُ جيرانٌ كثيرٌ بغبطة ٍ،
وإذْ مضى من عيشنا لم يصرمِ

وكلُّ حثيثِ الودقِ منبعقِ العرى،
مَتى تُزْجِهِ الرّيحُ اللّوَاقِحُ يَسجُمِ

ضعيفِ العرى دانٍ منَ الأرضِ بركهُ
مُسِفٍّ كمِثلِ الطّوْدِ أكظَمَ أسْحَمِ

فإن تكُ لَيْلَى قد نأتْكَ ديارُها،
وَضَنّتْ بحاجاتِ الفؤادِ المُتيَّمِ

وهمتْ بصرم الحبلِ بعدَ وصالهِ،
وأصغتْ لقولِ الكاشحِ المتزعمِ

فما حبلُها بالرّثّ عندي، ولا الذي
يغيرهُ نأيٌ، وإنْ لمْ تكلمِ

وَما حُبُّها لوْ وكّلَتْني بِوَصْلِهِ،
ولوْ صرمَ الخلانُ، بالمتصرمِ

لَعَمْرُ أبيكِ الخيرِ ما ضاعَ سرُّكم
لَدَيّ، فتجزِيني بِعاداً وتَصْرِمي

ولا ضِقتُ ذَرْعاً بالهَوى إذ ضَمنتُهُ،
ولا كظّ صدري بالحديثِ المكتمِ

ولا كانَ مما كانَ مما تقولوا
عَليّ، ونثّوا، غيرَ ظنٍّ مُرَجَّمِ

فإنْ كنتِ لما تخبرينَ، فسائلي
ذوي العلمِ عنا كيْ تنبيْ فتعلمي

مَتَى تَسْألي عنّا تُنَّبيْ بأنّنا
كِرَامٌ وأنّا أهْلُ عِزٍّ مُقَدَّمِ
وأنّا عَرَانِينُ صُقورٍ، مَصالِتٌ،
نَهُزُّ قَناة ً، متْنُها لمْ يُوَصَّمِ

لَعَمْرُكِ ما المُعتَرُّ يأتي بلادَنا
لنمنعهُ بالضائعِ المتهضمِ

وَما السيّدُ الجَبّارُ، حِينَ يُرِيدُنا
بِكَيْدٍ، عَلى أرْماحِنا بمُحرَّمِ

وَلا ضَيْفُنا عندَ القِرَى بمُدَّفعٍ،
وَما جارُنا في النائِباتِ بمُسْلَمِ

نبيحُ حمى ذي العزّ حينَ نكيدهُ،
وَنَحمي حِمَانَ بالوَشيجِ المُقوَّمِ

وَنحنُ إذا لمْ يُبرِمِ الناسُ أمرَهُمْ،
نكونُ على أمرٍ من الحقّ مبرمِ

ولوْ وزنتْ رضوى بحلمِ سراتنا
لمَالَ بِرَضْوَى حِلمُنا ويَلَمْلَمِ

وَنَحْنُ إذا ما الحرْبُ حُلّ صِرَارُها،
وَجادَتْ على الحُلاّبِ بالموْتِ والدمِ

ولمْ يُرْجَ إلاّ كُلُّ أرْوَعَ ماجِدٍ،
شَديدِ القُوى، ذي عزّة ٍ وتكَرُّمِ

نكونُ زمامَ القائدينَ إلى الوغى،
إذا الفَشِلُ الرِّعديدُ لم يتقدّمِ

فنحنُ كذاكَ، الدهرَ، ما هبتِ الصبا
نعودُ على جهالهمْ بالتحلمِ

فلوْ فهِموا، أوْ وُفّقوا رُشدَ أمرِهمْ،
لَعُدنا عليهمْ بعدَ بُؤسَى بأنعُمِ

إنّا إذا ما الأفْقُ أمْسَى كأنّما
على حافَتَيْهِ مُمْسِياً لوْنُ عَنْدمِ

لَنُطعِمُ في المَشتى، ونطعنُ بالقَنا،
إذا الحربُ عادتْ كالحريقِ المضرمِ
وتلقى لدى أبياتنا، حينَ نجتدى،
مجالِسَ فِيها كُلُّ كهلٍ معمَّمِ

رَفِيعِ عِمادِ البيتِ، يستر عرضه،
من الذمّ، ميمونِ النقيبة ِ خضرمِ

جوادٍ على العلاتِ، رحبٍ فناؤهُ،
متى يُسألِ المعروفَ لا يتجهّمِ

ضَرُوبٍ بأعْجاز القِداحِ إذا شتا،
سَريعٍ إلى داعي الهِياجِ، مُصَمِّمِ

أشمَّ طويلِ الساعدينِ سميذعٍ،
معيدِ قراعِ الدراعينَ، مكلمِ












مصادر و المراجع :

١- ديوان حسان بن ثابت

المؤلف: حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد (المتوفى: 54 هـ)

شرحه وكتب هوامشه وقدم له: الأستاذ عبدأ مهنا

الناشر: دار الكتب العلمية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید