المنشورات

إيَّاكَ أعْنِي يا ابْنَ آدَمَ فاسْتَمِعْ

إيَّاكَ أعْنِي يا ابْنَ آدَمَ فاسْتَمِعْ
ودَعِ الرُّكونَ إلى الحياة ِ فتنتفِعْ
لوْ كانَ عُمْرُكَ ألفَ حولٍ كاملٍ
لمْ تَذْهَبِ الأيّامُ حتى تَنقَطِعْ
إنّ المَنِيّة َ لا تَزالُ مُلِحّة ً،
حَتَّى تُشَتِّتَ كُلَّ أمْرٍ مُجْتَمِعْ
فاجْعَلْ لِنَفْسِكَ عُدّة ً لِلقَاءِ مَنْ
لَوْ قَدْ أَتَاكَ رسُولُهُ لَمْ تمتَنِعْ
شُغِلَ الخَلائِقُ بالحَياة ِ، وَأغفَلُوا
زَمَناً، حَوادِثُهُ عَلَيْهِمْ تَقْتَرِعْ
ذَهَبَتْ بنا الدّنْيا، فكَيفَ تَغُرّنَا،
أمْ كيفَ تَخدَعُ مَن تَشاءُ فينخدِعْ
وَالمَرْءُ يُوطِنُها، ويَعْلَمُ أنّهُ
عَنْهَا إلى وَطَنٍ سِواهَا منْقَلِعْ
لَمْ تُقْبِلِ الدُّنيا عَلَى أحدٍ بريتَهَا
فَمَلَّ منَ الحيَاة ِ ولاَ شَبَعْ
يا أيّها المَرْءُ المُضَيِّعُ دينَهُ،
إحرازُ دينِكَ خَيرُ شيءٍ تَصْطَنِعْ
ـنَتِها، فَمَلّ مِنَ الحَياة ِ وَلا شَبعْ
فَاعْمَلْ فَمَا كلفْتَ مَا لا تستطِعْ
وَالحَقُّ أفضَلُ ما قَصَدْتَ سَبيلَهُ،
وَاللّهُ أكْرَمُ مَنْ تَزُورُ وتَنْتَجِعْ
فامْهَدْ لنَفسِكَ صالحاً تُجزَى بهِ،
وانْظُرْ لِنَفْسِكَ أيَّ أمْرٍ تتَّبِعُ
وَاجعَلْ صَديقَكَ مَن وَفى لصَديقِهِ،
وَاجعلْ رَفيقَكَ، حينَ تسقُطُ، من سرُعْ
وامْنَعْ فؤَادَكَ أنْ يميلَ بكَ الهوَى
وَاشدُدْ يَديكَ بحَبلِ دينِكَ وَالوَرَعْ
واعْلَمْ بأنَّ جَميعَ مَا قَدَّمْتَهُ
عندَ الإلهِ، مُوَفَّرٌ لكَ لم يَضِعْ
طُوبَى لمَنْ رُزِقَ القُنُوعَ، ولَم يُرِدْ
ما كان في يَدِ غَيرِهِ، فيُرَى ضرَعْ
وَلئِنْ طَمِعتَ لَتُصرَعنّ، فلا تكُنْ
طَمِعاً، فإنّ الحُرّ عَبدٌ ما طَمِعْ
إنَّا لنلْقَى الْمَرءَ تشرَهُ نَفْسُهُ
فيضِيق عَنْهُ كُلُّ أمْرٍ متَّسِعُ
وَالمَرْءُ يَمْنَعُ ما لَدَيْهِ، ويَبْتَغي
ما عندَ صاحبِهِ، وَيَغْضَبُ إن مُنعْ
ما ضَرَّ مَنْ جَعَلَ التّرابَ فِراشَهُ
ألاّ يَنَامَ على الحَريرِ، إذا قَنِعْ










مصادر و المراجع :

١- ديوان أبي العتاهية

المؤلف: إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، العنزي (من قبيلة عنزة) بالولاء، أبو إسحاق الشهير بأبي العتاهية (المتوفى: 211 هـ)

(130 - 211 هـ = 748 - 826 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید