المنشورات

عجبتُ، وكم عجبٌ في الزّمانِ

عجبتُ، وكم عجبٌ في الزّمانِ،
لرأيِ بَني دَهرِكَ الفائلِ

فمَقتاً لما أُورِثوا من غِنًى،
وما وُهِبوهُ من النّائل

فَلا تَحْمِلَنّ لهمْ مِنّةً،
ولو بِتَّ في صورةِ العائل

يَغولُ الفتى أرضَهُ بالوَجيفِ،
ولا بُدّ من حادثٍ غائل

ويطلُبُ قوتاً، ورِزقُ المَليـ
ـكِ يَسألُ بالطّالبِ السّائل

ألمْ تَرَني، وجَميعَ الأنا
مِ، في دَوْلَةِ الكذِبِ الذّائل؟

مضَى قَيْلُ مِصرَ إلى ربّهِ،
وخَلّى السّياسَةَ للخائِل

وقالوا: يَعودُ، فقُلنا: يَجوزُ
بقُدْرَةِ خالِقِنا الآئِل

إذا هَبّ زيدٌ إلى طَيّىءٍ،
وقامَ كُلَيْبٌ إلى وائِل

أخو الحرْبِ يَعدُو على سابحٍ،
لِيَسبَحَ في الزّاخِرِ السّائل

سيُقصَرُ من طُولِ تلكَ القَناةِ،
ويُرْفَعُ من درْعِه الذّائل

وتُصغي، إلى المَينِ، أسماعُنا،
ونَصبو إلى زُخرُفِ القائل

وكيفَ اعتدالي، وهذا النّهارُ
يَرُوحُ بميزانِهِ المائل؟

وإنّ ثَبيراً لَهُ خِفّةٌ،
تَبينُ على كِفّةِ الشّائلِ

تَصولُ علينا بَناتُ الزّمانِ؛
فَهَلاّ يُصالُ على الصّائِل!

وقد عَزّ رمْلٌ على حاسبٍ،
كما عَزّ بحرٌ على كائل

يُهالُ الترابُ على من ثَوى؛
فآهِ مِنَ النّبإ الهائل

وكم قَيّدَ الدّهرُ من دالِفٍ،
وقد كانَ كالسّابقِ الجائل

جميعُ الذي نحنُ فيهِ النّفاقُ،
ونَلحَقُ بالذّاهبِ الزّائل

ولو لم يكنْ حولكَ العاذلونَ،
بكيْتَ على المَنزِلِ الحائل

ويُغنيكَ، عن طَرْحِ فالٍ، تَعو
دُ باليمنِ، طعنُكَ في الفائل

نُسَرُّ، إذا نَثْرَةٌ أرْعَفَتْ،
ونَفرَحُ بالأسَدِ البائل









مصادر و المراجع :

١- ديوان أبي العلاء المعري

المؤلف: أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري (363 - 449 هـ)

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید