المنشورات

عقار الشوق

(الوافر)
أما لو لم تعاقره العقار، ... عقار الشّوق مازجه الوقار (1)
وقفنا نغصب الأجفان ماء ... له من نار أضلعنا انتصار
فكم من نشوة للشّوق تهفو ... بصبر مسّه منها خمار (2)
سقى درر السّحاب صدى ربوع ... بما يظما إليهنّ المزار (3)
وجاذبها فضول المحل عنها ... بأيمان من الخصب القطار
ليالي يوقظ التّذكار شوقي، ... وهجعة سلوتي فيها غرار
ألا إنّ الزّمان قضى علينا ... بأحداث لنا فيها اعتبار
إذا ما الخطب ضلّلنا دجاه، ... أنارت من تحار بنا منار
نصدّ عن الحيا، والجوّ ماء ... ونستلم الثّرى، والأرض نار
سرينا في ضمير البيد حتّى ... تركناها، ونحن لها شعار
أيا للمجد من قوم لئام ... ألا حرّ على عرض يغار
فأشجعهم، إذا فزعوا، جبان، ... وأذكاهم، إذا نطقوا، حمار
لبونكم تدرّ لأبعديكم، ... وعندي الذّين منها والنّفار (4)
لغيري ضوء ناركم، وعندي ... دواخنها السّواطع والأوار (5)
وجرد قد لبسن ثياب ليل، ... ضوامر في أياطلها اقورار (6)
بركب ترعد الظّلماء منهم ... فيسترها من الجزع النّهار
يهلهل نسج ثوب من عجاج، ... تشفّ وراء طرّته الشّفار
سترن الجوّ بالقسطال حتّى ... كأنّ البدر أضمره السّرار (1)
ويوم سلّطت فيه العوالي ... على الأرواح، واخترم الذّمار
نعانق فيه أبكار المنايا، ... وهنّ لغير أنفسنا ظؤار (2)
وقد حجز العجاج، فلا نجاء، ... وقد ضاق المجال، فلا قرار
وملنا بالجياد على وجاها، ... وقد دمي الشّكائم والعذار (3)
وقد وسمت حوافرها كؤوسا، ... ومن علق الدّماء لها عقار
وأجرى الضّرب في الأحشاء غدرا ... تبرّض ماءها الأسل الحرار (4)
ضربن لنا النّسور رواق ظلّ ... تلوذ بحقوة القبّ المهار (5)
تحلّ الهام فيه بالمواضي، ... وفي الأعناق حبل ردى مغار
تخوض ترائكا منها لجينا، ... وتصدر، وهي من علق نضار (6)
بضرب ينثر الشّفرات، حتّى ... لها في كلّ جانحة غرار
بكلّ فتى يزلّ العار عنه، ... إذا ما هزّ ضبعيه الفخار
حسام لا يضبّ عليه غمد، ... وليث لا يطلّ عليه زار (7)
تألّف حدّ صارمه المنايا، ... وفيها عن حشاشته ازورار
يجرّد معصما من صدر رمح، ... ويرجع، والفؤاد له سوار
وسمر الخطّ تعثر بالهوادي، ... فيجذبها إلى المهج العثار
وكم من طعنة في رحب صدر ... يجوز بها إلى القلب الصّدار
فلولا أنّها فهقت نجيعا، ... تخرّقها لوسعتها الغبار
وقد جثم الرّدى في كلّ سهم ... له في كلّ حيزوم مطار (1)
إذا اختارت بنو قيس نزالي ... رجعت وللرّدى فيها الخيار
برمح طرفه يزداد لحظا، ... إذا ما غضّ منه دم ممار (2)
صموت بين أطراف العوالي، ... وفي طعن القلوب له خوار
إذا سالت عواليه بحتف، ... فليس لها سوى قلب قرار
يصدّ حسامهم عن ماء قلبي، ... وأعلم أنّ غربيه حرار (3)
وينكص رمحهم في الطّعن حتّى ... كأنّ كعوبه عنّي قصار
عقاب النّصر تحتهم مهيض، ... ونسر الموت فوقهم مطار (4)
لقد أضحكت عنّي آل فهر ... بأرماح بكت فيها نزار
هم شهب، إذا اتقدوا لحرب ... فخرصان الرّماح لها شرار
إذا وقفت قناهم عن طعان، ... فليس لها سوى الموت انتظار
إذا اطّردت أكفّهم بجود ... أسرّت ماءها السّحب الغزار
بهم ألف الضّرائب حدّ سيفي، ... وشجّعني على الطّلب الخطار (5)














مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید