المنشورات

أخو الحرب

(الطويل)
يمدح في هذه القصيدة الملك بهاء الدولة، وقد أنفذها إليه بفارس في شهر صفر سنة 394.
تمنّى رجال نيلها، وهي شامس، ... وأين من النّجم الأكفّ اللّوامس
وإنّ المعالي عن رجال طلائق، ... وهنّ على بعض الرّجال حبائس
ولم أر كالعلياء ترضى على الأذى، ... وتهوى على علّاتها، وهي عانس
فقل للحسود اليوم أغض على القذى، ... فما كلّ نار أوقدت أنت قابس
وما لك والإقدام بالخيل والقنا، ... وحظّك عن نيل العلى متقاعس
وهل نافع يوما وجدّك راجل، ... إذا قيل، يوم الرّوع: إنّك فارس
فطب عن بلوغ العزّ نفسا لئيمة، ... فما للعلى إلّا النّفوس النّفائس
وإنّ قوام الدّين من دون ثغرها، ... له ناظر يقظان والنّجم ناعس
رعاها بهمّ لا يملّ وهمّة ... إذا نام عنها حارس قام حارس
أخو الحرب ذاق الرّائعات وذقنه، ... ونال، ونالته القنا والفوارس
يغاديك يوم السّلم طلقا، وفكره ... يمارس حدّ الرّوع فيما يمارس
كأنّ ملوك الأرض حول سريره ... بغاث وقوف والقطاميّ جالس (2)
إذا رمقوه، والجفون كواسر ... على غير داء، والرّقاب نواكس
يحيّون وضّاحا، كأنّ جبينه ... سنا قمر ما غيّرته الحنادس (1)
تصرّف أعناق الملوك لأمره، ... وتستخدم الأعضاء والرّأس رائس
من القوم حلّوا بالرّبى وأمدّهم ... قديم المساعي، والعلاء القدامس (2)
تحلّهم دار العدوّ شفارهم، ... وترعيهم الأرض القنيّ المداعس (3)
بهاليل أزوال بكلّ قبيلة ... ملاذع من نيرانهم ومقابس (4)
وما جالسوا إلّا السّيوف معدّة ... ليوم الوغى، والمرء ممّن يجالس
إذا أخطأوا مرمى من المجد أجهشوا، ... زئير الضّواري أفلتتها الفرائس
فمن خائض غمر الرّدى غير ناكص، ... ومن صافق يوم النّدى لا يماكس (5)
إذا ما اجتداه المجتدون على الطّوى ... يبيت رطيب الكفّ والبطن يابس (6)
له في الأعادي كلّ شوهاء يهتدي ... بتهدارها طلس الذّئاب اللّعاوس (7)
ونشّاجة تحت الضّلوع مرشّة، ... كما هاع مملوء من الخمر قالس (8)
مطرّقة الجالين هطلى كأنّما ... إزار الفتى فيها من الدّم وارس (9)
ألا ربّ حيّ من رجال أعزّة ... أسالت بهم منك الغمام الرّواجس (10)
أرادوك بالأمر الجليل فردّهم ... على عوج الأعقاب جدّ ممارس
تطاعنهم عنك السّعود بجدّها، ... ولا يتّقي طعن المقادير تارس
إذا أفلتوا طعن الرّماح رمتهم ... بطعن عواليها النّجوم الأناحس
سلبتهم عزّ الثّراء، فلم تدع ... لهم ما يرى منه العدوّ المنافس
فما لهم، غير الشّعور، عمائم، ... ولا لهم، غير الجلود، ملابس
وعمّتهم من حدّ بأسك سطوة ... بها اجتدعت أعناقهم لا المعاطس
فما جازها في ذروة النّيق صاعد، ... ولا فاتها في لجّة الماء قامس (1)
ولا ناطق للخوف إلّا مخافت ... ولا ناظر للذّلّ إلّا مخالس
ترى الأب ينبو عن بنيه ويتّقي ... أخاه الفتى وهو القريب المؤانس
وليس يحيّا منهم اليوم طالع ... هوانا، ولا يجدي إذا اعتام بائس (2)
تملّس أعواد القنا من أكفّهم، ... وينفضهم من عن قطاها العوانس (3)
يكون مزرّ المرء غلّا لعنقه، ... من الخوف، حتّى ينزع الثوب لابس
إذا ضربوا في الأرض فهي مهالك، ... وإن أوطنوا الأبيات فهي محابس
وعاطسهم في الحفل غير مشمّت، ... فكالنّابح العاوي من القوم عاطس
وأطرق شيطان الغواية منهم، ... فلم يبق من نعّابة الغيّ نابس
وعند طبيب المعضلات شفاؤهم، ... إذا عاد من داء العداوة ناكس
فيوماه يوم بالمواهب غائم ... علينا، ويوم بالقواضب شامس
سجيّة بسّام يقول عدوّه: ... أهذا الّذي يلقى الوغى وهو عابس
نزاد، ويروى الأبعدون بمائكم، ... ونحن على الورد الظّماء الخوامس
وتندى لقوم آخرين سحابكم، ... ونحن مناشي أرضكم والغرائس (4)
رجوتك والعشرون ما تمّ عقدها، ... فلم أنا من بعد الثّلاثين آيس
ولي خدمة قدّمتها لتعزّني، ... ولولا الجنى ما رجّب الفرع غارس (1)
وما همّتي إلّا المعالي، وإنّني ... على المرء بالعلياء لا المال نافس
وقد غار حظّ أنت ثاني جماحه، ... وتقدع من بعد الجماح الشّوامس (2)
عسى ملك الأملاك ينتاش أعظما ... برتهنّ ذؤبان اللّيالي النّواهس
وقد كنت شمت العزّ منك وجادني ... بغيظ الأعادي ماطر منه راجس
فباعدني من صوب مزنك حاسد ... يضاحك ثغري والجنان معابس
يريني حنانا، وهو يضمر بغضة، ... كلا ناظرينا من قلى متشاوس (3)
فجدّد يدا عندي يرفّ لباسها، ... فقد أخلقت تلك الأيادي اللّبائس
وبابك أولى بي من الأرض كلّها، ... فحتّام لي عن قرع بابك حابس
وأقسم لولا أنّ دارك فارس، ... لما انتصفت من أرض بغداد فارس
















مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید