المنشورات

تمضي العلى

(الكامل)
كتب هذه القصيدة الى حضرة الملك أبي شجاع فناخسرو بن قوام الدين، وقد عقد له بأرجان بعد أبيه أمر الدولة، وذلك في جمادى الآخرة سنة 403.
تمضي العلى وإلى ذراكم ترجع ... شمس تغيب لكم وأخرى تطلع
إنّ الصّفا العاديّ يقرع بالأذى ... من غيركم، وصفاكم لا يقرع
متداولين لباس أثواب العلى، ... هذا يجاب له، وهذا ينزع
في كلّ يوم للنّواظر منكم ... أعلام علياء تحطّ وترفع
لا مثل من ملك العلى مستقبل ... فينا، ومن طوت المنون مودّع
عينان، عين للمزيد قريرة ... منّا، وعين للنّقيصة تدمع
وإذا اطمأنّ من العطيّة مضجع ... يوما أقضّ من الرّزيّة مضجع
فلئن فرحنا إنّ ذلك مفرح، ... ولئن جزعنا إنّ ذلك مجزع
للمجد من علياكم ومصابكم ... أنف به شمم، وآخر أجدع
بؤسى ونعمى أعقبت، فكأنّما ... ردّت على أعقابهنّ الأدمع
لولا الأعزّ أبو شجاع لم يكن ... وهي النّوائب عن قليل يرقع (1)
لولاه ما انجبر الكسير ولا سما ... طرف الحسير، ولا سلا المتفجّع (2)
ما كانت العلياء بعد مصابها ... لولاه بالبدل المجدّد تقنع
نثلوا كنائن مجدهم، فتخيّروا ... منهنّ أقوم نصلة لا تنزع
سهما رمى غرض العلى من بعد ما ... لم يبق في قوس المعالي منزع
لا يطمع الأعداء مطلع نجده، ... قد ضاق إلّا عنه ذاك المطلع
طلبتك قد قلقت إليك نصولها ... حتّى استقرّ بها النّصاب الأمنع
ظمأى إليك وأين عنك محيدها ... والرّعي عندك والرّوا والمرتع
ما كان غاربها بغيرك يمتطى ... يوما، وطينتها بغيرك تطبع (3)
سبقت ببيعتك القلوب أكفّها، ... أيد أطعنك، والضّمائر أطوع
من مضمر يخشى الهوى لا ينثني، ... أو صافق بيد الرّضى لا يرجع
أعطت تخايلها الصّدور، وربّما ... تعطى يد، ولها ضمير يمنع
الله أيد ملككم وسما به ... مجد القواعد والبناء الأرفع
بيت يسقّف بالسّماء رواقه، ... وتهاب ذروته الحمام الوقّع
أطناب قبّته أنابيب القنا، ... وسجوف ظلّته المواضي اللّمّع (1)
إن ساخت الأركان أشرف ركنه، ... أو ضعضع البنيان لا يتضعضع
كم مصعب منع الخطام تركته ... تحت الرّحالة يستقيم ويظلع (2)
أو خالع قصرت يداه عن العلى، ... بوع لكم تقص الرّقاب وأذرع (3)
فسبقتم وكبا به من جدّه ... دون المنى قصف الفقار موقّع
تخفى مكائده ويظهر سطوكم، ... الذّرّ يقرص، والأراقم تلسع
لا ثلّ عرش بني بويه إنّهم ... غدر المكارم والجناب الأمرع
فعلى روائهم يحوم المعتفي، ... وإلى روائهم تشير الإصبع (4)
إن قاربوا فهم الشّهاد المجتنى، ... وإذا أبوا فهم السّمام المنقع
أيديهم طرق النّدى، وجباههم ... أبهى من التّيجان لا بل ألمع
فهم لأيّام الحفائظ مفزع ... وهم لأيّام المكارم مطمع
هتف العلاء بهم إلى غاياته، ... فتضرّع القوم اللّئام وأسرعوا
أنا غرسكم والغصن لدن والصّبا ... غضّ وللعيس القياد الأطوع
رشتم سهامي للعدى، وتركتم ... قدمي إلى أمد المعالي تتبع
وحثثتم حظّي ليلحق شأوكم، ... حتّى استمرّ وحظّ غيري يقدع (5)
وصنعتم فعرفت قدر صنيعكم، ... ولربّما غلط الطّريق المصنع (6)
وحفظت ما استودعت من نعمائكم ... إنّ الوفاء أمانة تستودع
يا باني الشّرف الموطّد حيث لا ... تصل العيون ولا تنازل الأذرع
وسليل محصنة العلى في حجرها ... مستودع وبدرّها مسترضع
تحنو الملوك عليه من جنباته، ... كالقلب حانية عليه الأضلع
أرتق لها فتق النّوائب بالنّدى ... أو بالقنا ولكلّ خرق مرقع
واسلك سبيل أبيك، إنّ سبيله ... لقم يجيز إلى المناقب مهيع (1)
واطلب على أيّامه، وجياده ... حسرى يردن على الطّعان وظلّع
تدق الغوار على الغوار كأنّها ... وطفاء تحفزها بليل زعزع (2)
والصّبح منقدّ القميص كما جلا ... عن حرّ مفرقه البجال الأنزع (3)
واستقبل الأيّام غير جوامح ... يثني إليك بها عنان طيّع
تعنو لأخمصك الخطوب ذليلة ... بعد العراك وخدّهنّ الأضرع
إن سرّ أمسك كان يومك فوقه، ... ويقلّ عند غد لما يتوقّع












مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید