المنشورات

القناعة

(المتقارب)
مقيم من الهمّ لا يقلع، ... وماض من العيش لا يرجع
ويوم أشمّ بإقباله ... ويوم بإدباره أجدع (1)
لأخفق من علقت بالمنى ... يداه، وأثرى الذي يقنع
وما الذّلّ إلّا خداع اللّئيم، ... والحرّ بالذّلّ لا يخدع
رأينا الرّجاء على نأيه، ... رشاء، وكلّ يد تنزع (2)
بليت، وغيري لا يبتلى، ... بأمرين ما فيهما مطمع
بدهر ألوم، ولا يرعوي، ... ومولى أقول، ولا يسمع
وإنّي، إذا ما استطال الزّمان ... أنجدني صاحب أروع
ونفس على صبرها مرّة، ... وقلب على رأيه مجمع
أخوض به كلّ دوّيّة، ... يزلّ بها الخفّ أو يظلع (3)
بكلّ مقلّدة بالنّسوع ... كأنّ اللّغام لها برقع (4)
يصيح الحصى تحت أخفافها، ... فنونا، ويصطخب اليرمع (5)
وإنّي لأوعب في جلدها، ... وللرّكب هملجة زعزع (1)
أقيم وخدّ الضّحى أبيض، ... وأسري ووجه الدّجى أسفع (2)
وأمضي، إذا بلّد المستغير، ... وهاب الثّنيّة من يطلع
وأشلي على المقربات السّياط، ... إذا ضمّها البلد البلقع (3)
وأوردها الخمس في لجمها، ... تبرّض ما ألفت تكرع (4)
تعجّب منها وحوش الفلاة ... تسري، وأسرابها رتّع
أرى النّوم ينبو به ناظري، ... وكلّ العيون له مربع
ومن ضاقت الأرض عن همّه ... حر أن يضيق به مضجع
لئن كان أحزن بي منزل، ... فمن قبل أمرع لي مرتع (5)
على أنّني عند عضّ الزّمان، ... صفاة يضنّ بها المقطع (6)
لقد عاف أمواله من يجود، ... وقد طلّق النّفس من يشجع
وأبيض يوم الوغى حاسر، ... تردّى بقائمه الدّرّع
تحفّ مضاربه ماءه، ... كما حفّ واديه الأجرع (7)
وأسمر يهتزّ في راحتي، ... كما هزّت القلم الإصبع
وزغف تحدّر عن بيضة، ... كأنّ الأغمّ بها أنزع (8)
يذلّل لي سطوات الزّمان ... سيفي، ومثلي لا يخضع
تطاولت للبرق لمّا سرى، ... وعنقي إلى مثله أتلع (1)
فما لي لا أستعيد الجوى، ... وقد لاح لي بارق يلمع
وأبذل قلبا بأمثاله ... تضنّ الجوانح والأضلع
ألا إنّ قلب الفتى مضغة، ... تضرّ، ولكنّها تنفع
وأبلج أعددته للخطوب ... طودا، إلى ظلّه أرجع
كريم الوفاء أمين الإخاء ... باق على العهد لا يقلع
سريع إلى دعوتي في الأمور، ... إنّي إلى صوته أسرع
جلوت به الدّمع عن ناظري، ... وكان على غيره يدمع
وكفكفت عمّن سواه يدي، ... وكنت أرى الماء لا يشبع
دعوتك يا ناصري في الهوى، ... وكان إلى ودّك المفزع
أتاني أنّك طوّحت بال ... زّيارة عن عارض يقطع (2)
لقد نال شكواك من مهجتي، ... كما نال من عرقك المبضع
دم جاش شؤبوبه عن يد، ... يقلّبها البطل الأروع
مفيض ولكنّه غايض، ... وخرق ولكنّه يرقع
ولو أنّ لي فسحة في الزّمان ... جاءك بي القدر الأسرع
وإن غبت عنك، فإنّ الفؤاد ... عندك ما فاته موضع
يعوج عليك فلا ينثني، ... ويشرب منك فلا ينقع
وإنّي لتعطفني المطمعات ... عليك، كما عطف الأخدع (3)
ولولاك لم أعترف بالغرام، ... ولا قيل إنّ الفتى موجع
وما فضل شوقي لولا البكاء، ... والشّوق عنوانه الأدمع













مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید