المنشورات

حامل الأعباء

(الطويل)
نظم الرضي هذه القصيدة الفخرية في سنة 404.
أمل من مثانيها، فهذا مقيلها، ... وهذي مغاني دارهم وطلولها (1)
حرام على عيني تجاوز أرضها، ... ولم يرو أظماء الدّيار همولها
وقد خالطت ذاك الثّرى نفحاتها، ... وجرّت على ذاك الصّعيد ذيولها
حقوف رمال ما يخاف انهيالها، ... وأغصان بان ما يخاف ذبولها (2)
إذا ما تراآها اللّوائم ساعة، ... فأعذرها فيمن يحبّ عذولها
رضينا ولم نسمح من النّيل بالرّضا، ... ولكن كثير، لو علمنا، قليلها
شموس قباب قد رأينا شروقها، ... فيا ليت شعري أين منّا أفولها
تعالين عن بطن العقيق تيامنا، ... يقوّمها قصد السّرى ويميلها
فهل من معيري نظرة فأريكها، ... شريقيّ نجد يوم زالت حمولها
كطامية التّيّار يجري سفينها، ... أو الفلج العلياء يهفو نخيلها (3)
ولم تر إلّا ممسكا بيمينه ... رواجف صدر ما يبلّ غليلها
ومختنقا من عبرة ما تزوله، ... ومختبطا في لوعة ما يزولها
محا بعدكم تلك العيون بكاؤها، ... وغال بكم تلك الأضالع غولها
فمن ناظر لم تبق إلّا دموعه، ... ومن مهجة لم يبق إلّا غليلها
دعوا لي قلبا بالغرام أذيبه ... عليكم، وعينا في الطّلول أجيلها
سقاها الرّباب الجون كلّ غمامة ... يهشّ لها حزن الملا وسهولها (4)
إذا ملكت ريح الجنوب عنانها، ... أحالت عليها بعد لأي قبولها (1)
وساق إليها مثقلات عشاره، ... ضوامر، ترغو بالضّريب فحولها (2)
نجائب لا يودي بأخفافها السّرى، ... وإن طال بالبيد القواء ذميلها (3)
فكم نفخة من أرضها برّدت حشى، ... وبلّ غليلا من فؤاد بليلها
تخطّى الرّياح الهوج أعناق رملها ... فتجبرها جبر القرا، وتهيلها (4)
منازل لا يعطي القياد مقيمها، ... مغالبة، ولا يهان نزيلها
خليليّ قد خفّ الهوى وتراجعت ... إلى الحلم نفس لا يعزّ مذيلها
فلست ابن أمّ الخيل إن لم أمل بها ... عوابس في دار العدوّ أبيلها
إذا انجفلت من غمرة ثاب كرّها، ... وعاد إلى مرّ المنايا جفولها (5)
يزعفر من عضّ الشّكيم لعابها، ... ويرعد من قرع العوالي خصيلها (6)
وأعطف عن خوض الدّماء رؤوسها، ... فقد فقدت أوضاحها وحجولها
نميل عليها بالسّياط نوازعا، ... إلى كلّ بيداء يرمّ دليلها (7)
توقّر من عنف السّياط مراحها، ... وغاض على طول القياد صهيلها (8)
ونحن القروم الصّيد إن جاش بأسها ... تنوذر مرعى ذودها ومقيلها (9)
بأيماننا بيض الغروب خفائف، ... نغول بها هام العدا وتغولها
تفلّلن حتّى كاد من طول وقعها ... بيوم الوغى يقضي عليها فلولها
قوائم قد جرّبن كلّ مجرّب، ... بضرب الطّلى حتّى تفانت نصولها (1)
وأودية بين العراق وحاجر ... ببيض المواضي والعوالي نسيلها
يمدّ بدفّاع الدّماء غشاؤها، ... ويجري بأعناق الرّجال حميلها (2)
إذا هاشم العلياء عبّ عبابها، ... وسالت بأطناب البيوت سيولها
مدفّعة تحت الرّحال ركابها، ... محفّزة تحت اللّبود خيولها
وكلّ مثنّاة النّسوع مطارة ... سواء عليها حلّها ورحيلها (3)
كأنّ على متن الظّليم قتودها، ... وفي يد علويّ الرّياح جديلها (4)
رأيت المساعي كلّها وتلاحقت ... فروع العلى مجموعة وأصولها
إذا استبقت يوما تراخى تبيعها، ... وخلّى لها الشّأو البعيد رسيلها (5)
وإمّا أمالت للطّعان رماحها، ... وشنّ عليها للّقاء شليلها (6)
فثمّ عوال ما تردّ صدورها ... وثمّ جياد ما يفلّ رعيلها (7)
وثمّ الحماة الذّائدون عن الحمى، ... عشيّة لا يحمي النّساء بعولها
أبي، ما أبي، لا تدّعون نظيره، ... رديف العلى من قبلكم وزميلها
هو الحامل الأعباء كلّ مطيقها، ... وعجّ عجيج الموقرات حمولها
طويل نجاد يحتبي في عصابة، ... فيفرعها مستعليا، ويطولها (8)
إذا صال قلنا: أجمع اللّيث وثبة ... وإن جاد قلنا: مدّ من مصر نيلها
حليم، إذا التفّت عليه عشيرة ... تطاطا له شبّانها وكهولها
وإن نعرة يوما أمالت رؤوسها، ... أقام على نهج الهدى يستميلها (1)
وأنظرها حتّى تعود حلومها، ... وأمهلها حتّى تثوب عقولها
ولم يطوها بالحلم فضل زمامها، ... فتعثر فيه عثرة لا يقيلها (2)
فعن بأسه المرهوب يرمى عدوّها، ... ومن ماله المبذول يودى قتيلها
أكابرنا، والسّابقون إلى العلى، ... ألا تلك آساد، ونحن شبولها
وإنّ أسودا كنت شبلا لبعضها، ... لمحقوقة أن لا يذلّ قتيلها











مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید