المنشورات

الحياة ظل

(البسيط)
في هذه القصيدة يرثي الشاعر الملك أبا الفوارس شرف الدولة ابن عضد الدولة، وقد توفي في جمادى الآخرة سنة 379.
هل كان يومك إلّا بعد أيّام، ... سبقت فيها بإنعام وإرغام
وهل أزالك عن هذا سوى قدر ... تناول الأسد من غيل وآجام
إنّ المنايا مغرّات لأنفسنا، ... وإن أمدّت بأعوام وأعوام
نسعى بأقدامنا عنها فتدركنا، ... سبق الجياد وما تسعى بأقدام
ما لي بطيّ اللّيالي غير مكترث، ... وما ورائي منها كان قدّامي
أظنّ شخص الرّدى فردا فأحذره، ... والموت أكبر من ظنّي وأوهامي
إنّ الحياة، وإن غرّت مخائلها، ... ظلّ، وإنّ المنى أضغاث أحلام
نامي البقاء إلى الذّاوي تراجعه، ... كلّا، ولا يرجع الذّاوي إلى النّامي
أبا الفوارس ما أعلى يدا عصفت ... من المنون بأعلى عزّك السّامي
إنّ المنيّة ما زالت مفوّقة، ... حتّى رمتك، ولا عدوى على الرّامي
كرّت، فلم تثنها بالسّمر مشرعة، ... ولم ترعها بإسراج وإلجام (1)
ألّا اتّقيت بما سوّمت من عدد، ... وما تعلّمت من نقض وإبرام (2)
هيهات ألقى حمام كلّ مارنة ... تدمى، وأبطل موت كلّ إقدام
تملي المقادير أعمارا، وتنسخها، ... ويضرب الدّهر أيّاما بأيّام
فمن كمين ردى تسري عقاربه، ... ومن طلوع برايات وأعلام
أين السّرير وقد قام السّماط له، ... إجلال أروع عالي القدّ بسّام (3)
أين الجياد تنزّى في أعنّتها، ... يطلبن يوما قطوبا وجهه دام
أين الفيول كأنّ الممتطين لها ... على ذوائب أطواد وأعلام
أين الوفود على الأبواب مذكرة ... بالفرط من مجد أخوال وأعمام
أين المراتب، والدّنيا على قدم، ... موقوفة بين أرماح وأقلام
مضى ولم يغن ما عدّدت عنه، ولا ... كسب العلى واجتناب اللّوم والذّام
وعاد أعظم من في جيشه جرة، ... وليس يملك إلّا عضّ إبهام (4)
وكان أقطع من صمصامة ظبة ... فينا وأمضى مضاء منه في الهام (5)
لم يجر يوما بأطراف العراق دما، ... إلّا وراع دماء القوم بالشّام
وكان إن حاف عدم ثمّ عذت به ... ملأت أرضك من خيل وأنعام
يحنو رحم مجفوّة، ويرى ... قطع الرّقاب ولا قطعا لأرحام (6)
تبكي الرّكاب وقد ردّت أزمّتها، ... فالرّكب ما بين إعوال وإرزام (7)
اليوم يرتاح من كانت أضالعه ... على قوادم أحقاد وأوغام
يموت قوم، فلا يأسى لهم أحد، ... وواحد موته حزن لأقوام
سقى الحيا منك أوصالا مفرّقة ... فيها مجامع إجلال وإعظام
غيثان: ذا جامد تخفى مخائله ... عن العيون، وذا بادي الذّرى هامي (1)
لله درّك من غرّاء أحرزها ... موسومة قلب ضرغام لضرغام
قد كدت أعقلها لولا محافظة ... على يد سلفت منه وإنعام
أعاد عزّ أبي غضّا وخوّله ... ما شاء من بذل إعزاز وإكرام
وكنت أجممته للعزّ أطلبه، ... وإنّما كان للمقدور إجمامي (2)
ودون ما تشتهيه النّفس متعبة، ... إنّ اللآلي وراء الأخضر الطّامي (3)
فاذهب كما ذهب البدر استبدّ به، ... برغم أعيننا، جلباب إظلام
فما لدارك منّا غير مقلية، ... ولا لقربك منّا غير إلمام (4)














مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید