المنشورات

الدهر المخوف

(الرجز)
تأمل أن تفرح في دار الحزن، ... وتوطن المنزل في دار الظّعن
هيهات يأبى لك جوّال الرّدى، ... لبث المقيمين، وخوّان الزّمن
لا تصحبن دهرك، إلّا خائفا ... فراق إلف ونبوّا عن وطن (1)
وكن إلى نبأة كلّ حادث ... كالفرس الأروع صرّار الأذن (2)
قام به الخوف، ولم يرض بأن ... قام على أربعة حتّى صفن (3)
خف شرّها، آمن ما كنت لها، ... إنّ الضّنين لمكان للظّنن
نحن مع الأيّام في وقائع ... من المقادير وغارات تشنّ
إنّ رماح الدّهر يلقين الفتى ... بغير عرفان الدّروع والجنن (4)
داخلة بين القرينين، وإن ... لزّا على الدّهر بإمرار القرن (5)
ما استأخرت شدّاتها عن معشر ... بعد قطين الله، أو آل قطن (6)
ولا نبت أطرافها عن حجر ... من مضر ذات القوى، ولا اليمن
رمت بني ساسان عن مربعهم ... رمي المغالي آمن الطّير الثّكن (1)
واستلبت تاج بني محرّق، ... بعد قياد الصّعب من آل يزن
وصدّعت غمدان عن مرضومة، ... جوبك بالمقراض أثواب الرّدن (2)
وآل مروان غطاهم موجها، ... لمّا نزت بآل مروان البطن (3)
ثمّ بنو القرم العتيكيّ، وقد ... ردّوا يزيد العار مخلوع الرّسن
لاقى خبيب ويزيد روقها ... من غيبة ماطرها القنا اللّدن
أبوا إباء البزل فاقتادتهم ... من المقادير مطاعات الشّطن
ألّا ذكرت، إن طلبت أسوة، ... ما يضمن الأسوة للقلب الضّمن (4)
يوم بني الصّمّة في عرض اللّوى، ... ويوم بسطام بن قيس بالحسن
ويوم خوّ أسلمت عتيبة ... خصاصة الدّرع الذي كان أمن (5)
أوجره رمح ذؤاب طعنة ... تلغط لغط الأعجميّ لم يبن (6)
وبالكديد ملتقى ربيعة ... تحمي بعيد الموت آبار الظّعن (7)
كأنّني لم تبك قبلي فارسا ... عين، ولا حنّ فتى قبلي وأنّ (8)
هل كان كلّ النّاس إلّا هكذا: ... ذو شجن باك لباك ذي شجن
سائل بقومي لم نبا الدّهر بهم ... عن غير ضغن ورماهم عن شزن (1)
لم راشهم ريش السّهام للعدا، ... ثمّ براهم بالرّدى بري السّفن (2)
وكيف أمسوا حفنات من ثرى، ... من بعد ما كانوا رعانا وقنن (3)
سوم السّفا طاحت به في مرّها ... زفازف الرّيح وبوغاء الدّمن (4)
هم أجلسوا على الصّفاح والذّرى ... إذ رضي القوم بما تحت الثّفن (5)
لهم على النّاس، وما زال لهم ... مشارف الرّأس على جمع البدن
عماعم لمّا تزل أسيافهم ... عماعم الصّيد وأقياد البدن (6)
بالقدم الأولى إلى شأو العلى، ... والأذرع الطّولى إلى عقد المنن (7)
كيف أماني للمرامي بعدهم ... من نوب الدّهر، وقد زال المجنّ
الدّاخلين البيت باباه القنا، ... على الخناذيذ الطّوال والحصن (8)
والفالقين الصّبح عن مغيرة، ... لها من النّقع ظلام مرجحنّ (9)
والضّاربين الهام في مشعلة، ... لها بلا نار ضرام ودخن (10)
كم فاض في أبياتهم منتجع ... يقرن بالنّعمى وقرن في قرن (1)
إذا تنادوا للّقاء فيلق ... تداولوا الأعناق من أسر ومنّ
ما درنت أعراضهم من الخنا، ... ولا انجلت أسيافهم من الدّرن (2)
كلّ عظيم منهم محجّب ... تأذن أبواب الغنى إذا أذن
ذو نسب تستخجل الشمس به ... أصفى على السّائغ من ماء المزن
له القدور الضّامنات للقرى، ... مبارك البزل الجرار بالعطن (3)
من كلّ دهماء لها هماهم، ... تلقّم البازل جمعا كالفدن (4)
إنّ العشار لا تقي من سيفه ... دماءها، عام الجدوب باللّبن (5)
أما ترى هذا الصّفيح المجتلى ... يدرجنا درج الزّميل الممتهن (6)
كأنّما النّاس به من ذاهب ... وواهب يجري على ذاك السّنن
مزبورة تطوى على أشطارها، ... يبطن باديها ويبدو ما بطن (7)
ما أعجب النّاس الذي نسكنه ... يجمع ما بين الوهاد والقنن
بين عظامي ملك وسوقة ... لم يدر ما العزّ ونام ويفن (8)
لو علم النّاظر يوما ما هما ... أفظعه الخطب، وقال: من ومن
أقسمت لا أنساهم ما طلعت ... حمراء من خدر ظلام ودجن
إمّا بكاء بالدّموع ما جرت، ... أو بالفؤاد إن أبى الدّمع وضنّ
أنكرت أفراح الزّمان بعدهم، ... من طول بلواي بروعات الحزن
زدن الرّزايا، فنقصن دفعة، ... ووطّن القلب عليها، فاطمأنّ
قل للزّمان: ارحل بهم من بازل ... واحمل على غاربه، فقد مرن














مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید