المنشورات

مسحور

البحر: طويل
(خلِيليّ، عوجا اليومَ حتى تُسَلّما ** على عذبةِ الأنياب، طيبةِ النشرِ)
(فإنكما إن عُجتما ليَ ساعةً، ** شكرتكما، حتى أغيّبَ في قبري)
(ألما بها، ثم اشفعا لي، وسلّما ** عليها، سقاها اللهُ من سائغِ القطرِ)
(وبوحا بذكري عند بثنةَ، وانظرا ** أترتاحُ يوماً أم تهشُّ إلى ذكري)
(فإن لم تكنْ تقطعْ قُوى الودّ بيننا، ** ولم تنسَ ما أسلفتُ في سالفِ الدهرِ)
(فسوف يُرى منها اشتياقٌ ولوعةٌ ** ببينٍ، وغربٌ من مدامعها يجري)
(وإن تكُ قد حالتْ عن العهدِ بَعدنا، ** وأصغتْ إلى قولِ المؤنّبِ والمزري)
(فسوف يُرى منها صدودٌ، ولم تكن، ** بنفسيَ، من أهل الخِيانةِ والغَدر)
(أعوذ بكَ اللهمُ أن تشحطَ النوى ** ببثنةَ في أدنى حياتي ولا حَشْري)
(وجاور، إذا متُّ، بيني وبينها، ** فيا حبّذا موتي إذا جاورت قبري!)
(عدِمتُكَ من حبٍّ، أما منك راحةٌ، ** وما بكَ عنّي من تَوانٍ ولا فَتْر؟)
(ألا أيّها الحبّ المُبَرِّحُ، هل ترى ** أخا كلَفٍ يُغرى بحبٍّ كما أُغري؟)
(أجِدَّكَ لا تَبْلى، وقد بليَ الهوى، ** ولا ينتهي حبّي بثينةَ للزّجرِ)
(هي البدرُ حسناً، والنساءُ كواكبٌ، ** وشتّانَ ما بين الكواكب والبدر!)
(لقد فضّلتْ حسناً على الناس مثلما ** على ألفِ شهرٍ فضّلتْ ليلة القدرِ)
(عليها سلامُ اللهِ من ذي صبابةٍ، ** وصبٍّ معنّىً بالوساوس والفكرِ)
(وإنّكما، إن لم تَعُوجا، فإنّني ** سأصْرِف وجدي، فأذنا اليومَ بالهَجر)
(أيَبكي حَمامُ الأيكِ من فَقد إلفه، ** وأصبِرُ؟ ما لي عن بثينةَ من صبر!)
(وما ليَ لا أبكي، وفي الأيك نائحٌ، ** وقد فارقتني شختهُ الكشح والخصرِ)
(يقولون: مسحورٌ يجنُّ بذكرها، ** وأقسم ما بي من جنونٍ ولا سحرِ)
(وأقسمُ لا أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ ** وما هبّ آلٌ في مُلمَّعةٍ قفر)
(وما لاحَ نجمٌ في السماءِ معلّقٌ، ** وما أورقَ الأغصانُ من فننِ السدرِ)
(لقد شغفتْ نفسي، بثينَ، بذكركم ** كما شغفَ المخمورُ، يا بثنَ بالخمرِ)
(ذكرتُ مقامي ليلةَ البانِ قابضاً ** على كفِّ حوراءِ المدامعِ كالبدرِ)
(فكِدتُ، ولم أمْلِكْ إليها صبَابَةً، ** أهيمُ، وفاضَ الدمعُ مني على نحري)
(فيا ليتَ شِعْري هلْ أبيتنّ ليلةً ** كليلتنا، حتى نرى ساطِعَ الفجر،)
(تجودُ علينا بالحديثِ، وتارةً ** تجودُ علينا بالرُّضابِ من الثغر)
(فيا ليتَ ربي قد قضى ذاكَ مرّةً، ** فيعلمَ ربي عند ذلك ما شكري)
(ولو سألتْ مني حياتي بذلتها، ** وجُدْتُ بها، إنْ كان ذلك من أمري)
(مضى لي زمانٌ، لو أُخَيَّرُ بينه، ** وبين حياتي خالداً آخرَ الدهرِ)
(لقلتُ: ذروني ساعةً وبثينةً ** على غفلةِ الواشينَ، ثم اقطعوا عمري)
(مُفَلَّجةُ الأنيابِ، لو أنّ ريقَها ** يداوى به الموتى، لقاموا به من القبرِ)
(إذا ما نظمتُ الشعرَ في غيرِ ذكرها، ** أبى، وأبيها، أن يطاوعني شعري)
(فلا أُنعِمتْ بعدي، ولا عِشتُ بعدها، ** ودامت لنا الدنيا إلى ملتقى الحشرِ)













مصادر و المراجع :

١- ديوان جميل بثينة

المؤلف: أبا عمرو، جميل بن عبد الله بن مَعْمَر العُذْري القُضاعي (82 هـ / 701 م)

الناشر: دار صادر، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید