المنشورات
سعي العواذل
كانت بثينة قد واعدت جميلاً للالتقاء في بعض المواضع، فأتى لوعدها. فعرف أهلها. فحرسوها ومنعوها من الوفاء بوعدها. فلما أسفر الصبح انصرف كئيبًا سيء الظن بها، ورجع إلى أهله، فجعل نساء الحي يقرعنه بذلك ويقللن: إنما حصلت منها على الباطل والكذب والغدر، وغيرها أولى بوصلك منها، كما أن غيرك يحطى بها. فقال:
البحر: كامل
(أبثينَ، إنكِ ملكتِ فأسجحي، ** وخُذي بحظّكِ من كريمٍ واصلِ)
(فلربّ عارضةٍ علينا وصلَها، ** بالجدِ تخلطهُ بقولِ الهازلِ)
(فأجبتها بالرفقِ، بعدَ تستّرٍ: ** حُبّي بُثينةَ عن وصالكِ شاغلي)
(لو أنّ في قلبي، كقَدْرِ قُلامَةٍ، ** فضلاً، وصلتكِ أو أتتكِ، رسائلي)
(ويقلنَ: إنكِ قد رضيتِ بباطلٍ ** منها فهل لكَ في اعتزالِ الباطلِ؟)
(ولَبَاطِلٌ، ممن أُحِبّ حَديثَه، ** أشهَى إليّ من البغِيضِ الباذِل)
(ليزلنَ عنكِ هوايّ، ثمَ يصلني، ** وإذا هَوِيتُ، فما هوايَ بزائِل)
(صادت فؤادي، يا بثينَ، حِبالُكم، ** يومَ الحَجونِ، وأخطأتكِ حبائلي)
(منّيتِني، فلوَيتِ ما منّيتِني، ** وجعلتِ عاجلَ ما وعدتِ كآجلِ)
(وتثاقلتْ لماّ رأتْ كلفي بها، ** أحببْ إليّ بذاكَ من متثاقلِ)
(وأطعتِ فيّ عواذلاً، فهجرتني، ** وعصيتُ فيكِ، وقد جَهَدنَ، عواذلي)
(حاولنني لأبتَّ حبلَ وصالكم، ** مني، ولستَ، وإن جهدنَ، بفاعلِ)
(فرددتهنّ، وقد سعينَ بهجركم، ** لماّ سعينَ له، بأفوقَ ناصلِ)
(يَعْضَضْنَ، من غَيْظٍ عليّ، أنامِلاً، ** ووددتُ لو يعضضنَ صمَّ جنادلِ)
(ويقلنَ إنكِ يا بثينَ، بخيلةُ، ** نفسي فداؤكِ من ضنينٍ باخلِ!)
مصادر و المراجع :
١- ديوان جميل بثينة
المؤلف: أبا
عمرو، جميل بن عبد الله بن مَعْمَر العُذْري القُضاعي (82 هـ / 701 م)
الناشر: دار
صادر، بيروت
24 يونيو 2024
تعليقات (0)