سليني مالي!
عرف الرجال من أهل بثينة أنهما يجتمعان على خلاء، فرصوه بجماعة، فجاء على ناقته الصهباء حتى وقف على بثينة وأختها أم الحسين فوثبوا عليه، فرماهم ونجا سليمًا وقال:
البحر: طويل
(حلفتُ بربّ الراقصات إلى منى ّ، ** هُوِيَّ القَطا يَجْتَزْنَ بطنَ دفِينِ)
(لقد ظنَ هذا القلبُ أن ليسَ لاقياً، ** سليمى، ولا أمَّ الحسينِ لحينِ)
(فليتَ رجالاً فيكِ قد نذروا دمي، ** وهَمّوا بقتلي، يا بُثَينَ، لقُوني!)
(إذا ما رأوني طالعاً من ثنيةٍ، ** يقولون: من هذا؟ وقد عرفونيِ)
(يقولون لي: أهلاً وسهلاً ومرحباً! ** ولو ظفروا بي خالياً، تلوني)
(وكيف، ولا توفي دماؤهم دمي، ** ولا مالُهم ذو ندهةٍ فيدوني)
(وغرَّ الثنايا، من ربيعةَ، أعرضت، ** حروبُ معدٍ دونهنّ ودوني)
(تَحَمّلْنَ من ماءِ الثُّديّ كأنما ** تَحَمّلَ من مُرْسًى ثِقالُ سَفينِ)
(كأنّ الخُدورَ أولجتْ، في ظِلالِها، ** ظِباءَ المَلا ليست بذاتِ قُرون)
(إلى رجحَ الأعجازِ، حورٍ نمى بها، ** مع العِتْقِ والأحساب، صالحُ دِين)
(يبادِرنَ أبوابَ الحِجالِ كما مشى ** حمَامٌ ضُحًى في أيْكةٍ، وفنون)
(سددنَ خصاصَ الخيمَ، لما دخلنهُ، ** بكلّ لبَانٍ واضحٍ، وجبين)
(دعوتُ أبا عمرٍ و، فصدّق نَظرتي، ** وما ان يَراهنّ البصيرُ لحِين)
(وأعرضَ ركنٌ من أحامرَ دونهم، ** كأنّ ذراهُ لفعتْ بسدينِ)
(قرضنَ، شمالاً، ذا العشيرةِ كلها، ** وذاتَ اليمين، البُرقَ بُرْقَ هَجين)
(وأصعدنَ في سراءَ، حتى إذا انتحتْ ** شَمالاً، نَحا حادِيهمُ ليَمِين)
(وقال خليلي: طالعاتٌ من الصّفَا، ** فقلت: تأمّلْ، لسنَ حيثُ تريني)
(ولو أرسلتْ، يوماً، بُثينةُ تبتغي ** يميني، ولو عزّت عليّ يميني)
(لأعطيتها ما جاءَ يبغي رسولها، ** وقلتُ لها بعد اليمين: سليني،)
(سليني مالي، يا بثينَ، فإنّما ** يُبيَّنُ، عند المالِ، كلُّ ضَنين)
(فما لكِ، لمّا خَبّر الناسُ أنني ** غدرتُ بظهرِ الغيبِ، لم تسليني)
(فأُبليَ عُذراً، أو أجيءَ بشاهِدٍ، ** من الناسِ، عدلٍ أنهم ظلموني)
(بُثينَ، الزمي لا، إنّ لا، إن لزمتِه، ** على كثرة الواشينَ، أيُّ معونِ)
(لحا الله من لا ينفعُ الوعدُ عنده، ** ومَنْ حَبلُه، إن مُدّ، غيرُ متين)
(ومن هو ذو وجهين ليس بدائمٍ ** على العهدِ، حلاف بكلّ يمينِ)
(ولستُ، وإن عزّت عليّ، بقائلٍ ** لها بعد صَرمٍ: يا بُثَينَ، صِليني!)
مصادر و المراجع :
١- ديوان جميل بثينة
المؤلف: أبا
عمرو، جميل بن عبد الله بن مَعْمَر العُذْري القُضاعي (82 هـ / 701 م)
الناشر: دار
صادر، بيروت