البحر: طويل
(أَلاَ مَنْ لِصَبٍّ عَازِبِ النَّوْم سَاهِدِ ** ومن لمحب مثبتٍ للعوائد)
(وَقَالُوا: بِهِ دَاءٌ أصَابَ فُؤَادَهُ ** مِنَ الْجِنِّ أوْ سِحْرٌ بِأيْدِي الْمَوَارِدِ)
(وما ذاك إلا حب خودٍ تعرضت ** لتقتلني بالمنظر المتباعد)
(فَأدْرَكَ مَجْلُودِي جَوى الْحُبِّ كَاعِبٌ ** كشمس الضحى في الفائقات الخرائد)
(كَأنَّ الْعَذَارَى حِينَ قَوَّمْنَ حَوْلَهَا ** قلائد بدلهن أم القلائد)
(فسارقت أصحابي المكبين نظرةً ** إلى غادة لم تستتر بالولائد)
(غَدَاةَ مَشَتْ فِيهِنَّ رُودٌ لِجَارَةٍ ** يَمِيلُ بِهَا غُصْنُ الْهَوَى الْمُتَزَائِدِ)
(مَشَتْ قَابَ قَوْسٍ دُونَهَا ثُمَّ ألْقِيَتْ ** إِلَى الأَرْضِ مِنْ جَهْدِ الْخُطَى كَالْمعَانِدِ)
(فَوَطَّأنَ مَمْشَاهَا بِمَا لَوْ كَسَبْنَهُ ** كفاهن من زبن الخروج الحواشد)
(وَخِفْنَ الضِّحَى مِنْ نَوْمِهِنَّ عَلَى الضُّحَا ** فأقبلن إقبال الغصون الموائد)
(يُفَدِّينَهَا طَوْراً وَطَوْرَاً يَلُمْنَهَا ** عَوَاكِفَ حَتَّى جَاوَزَتْ غَيْرَ باعِدِ)
(فَلَمَّا اشْتَكَتْ حَرَّ السَّمُومِ وَأهْلَهَا ** قريب وملت مشيها في المجاسد)
(ضربن عليها الستر ثم سترنها ** بأخضر من خز عتيق العضائد)
(مِن الشَّمْسِ والرَّائِين والرِّيحِ والسَّفا ** كما سُتِر الضَّوْءُ الَّذِي فِي الْمساجِدِ)
(مخافةَ أنْ تُعْدَى بِشْيءٍ يُرِيبُها ** فطيمةُ أو تغتالها عين حاسد)
(أفاطِمُ إِنَّ النَّفْس تُخْفِي مِن الْهوى ** جليلاً وتبدي مثله في المشاهد)
(ولا صاحبٌ أشكو إليه فأشتفي ** إذا ما شكى رأسي مكان الوسائد)
(سوى راقدٍ لم يدر مابي ولو درى ** لهان عليه مشهدي ومراقدي)
(أعيرت نفساً لم تمت ببقائها ** وما ذنبُ معدودٍ له الموت وارد)
(كفى منك أني في الجميع إذا بدوا ** أظَلُّ كَمْلُقى رَأسُهُ غَيْرِ جَاهِدِ)
(مكباً بعيني الأماني منكمو ** أماني لا تجدي كأحلام راقد)
(وإني أقاسي من جهادك خالياً ** عياء فأنى لي بأجر المجاهد)
(كأني بوسواس الهوى من حديثكم ** أخو جِنَّةٍ في الْمُقْفَلاتِ الْحدائِدِ)
(فأنت الهوى شطت بك الدار أو دنت ** وإِنْ رغِمَتْ مِنْهُ أنُوفُ الْحَوَاسِدِ)
(فكوني كما كنا لكم نقض حاجةً ** ولا تسمعي قول العدو المكايد)
(لقد زادني وجداً لكم وصبابةً ** إشارة أقوام أكف السواعد)
(إلى من صبا هذا ومن يصب يتهم ** مَقَالَةَ أدْنَاهُ وَنَهْيَ الأَبَاعِدِ)
(وَحَسْبُ الْفَتَى مِمَّنْ يُكَابِدُ هَمَّهُ ** إذا كان من يهوى كذوب المواعد)
(تشكى الذي في نفسها من مودتي ** وقد زعمت أني بها غير واجد)
(وَلَكِنَّنِي أَخْشَى عُيُوناً وَأتَّقِي ** بواسط من جارٍ غيورٍ ووالد)
(شَكَتْ طُولَ هِجْرَانِي عَشِيَّةَ زُرْتُهَا ** وما وجدت وجدي بها أم واحد)
(وأقسم لو قيس الذي بي من الهوى ** لقد عرفت فضلاً لحران جاهد)
(منعت قيادي غيرها حين رامني ** وَذَلَّتْ بِمَا تَهْوَى إِلَيْهَا مَقَاوِدِي)
(إِذَا أُنْشِدَتْ بِالشِّعْرِ عِنْدِي قَصِيدَةٌ ** طربت ولم تطرب لها أم خالد)
(يخامرني مما أقول بحبها ** جوى مثل سحر البابلي المعاود)
(كَأنِّي أكِيدُ النَّفْسَ مِنِّي بِكَيْدِهَا ** فَتُغْفِي وَأحْيِي لَيْلَتِي جدَّ سَاهِدِ)
(فإني وتحبيري القوافي فأصبحت ** علي رقى معقودة في القصائد)
(كمستحرشٍ من عقرب دببت له ** جُيُوشُ الأَعَادِي أوْ جُنُودُ الأَسَاوِدِ)
(فأصبح من هذي وهاتيك قبلها ** نَسِيمُ الْمَنَايَا بَارِقاً بَعْدَ رَاعِدِ)
(كَذَلِكَ مِنْ شِعْرِي جَنَيْتُ الَّذِي جنتْ ** فليت الذي كايدته لمكايدِ)
مصادر و المراجع :
١- ديوان بشار بن برد
المؤلف: أبو
معاذ، بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ)
جمعه وشرحه وكمله
وعلق عليه: فضيلة العلامة سماحة الأستاذ الإمام الشيخ (محمد الطاهر ابن عاشور)
الجزء الثاني:
علق عليه ووقف
على طبعه:
[محمد رفعت فتح
الله]
الأستاذ في كلية
اللغة العربية بالجامع الأزهر
و [محمد شوقي
أمين]
المحرر في مجمع
اللغة العربية بمصر
(1373 هـ - 1954
م)
الجزء الثالث:
راجع مخطوطته
ووقف على ضبطه وتصحيحه: محمد شوقي أمين (المحرر في مجمع اللغة العربية بمصر)
(1376 هـ - 1957
م)
الجزء الرابع:
راجعه وصححه:
محمد شوقي أمين (المحرر الأول في مجمع اللغة العربية بالقاهرة)
(1386 هـ - 1966
م)
الناشر: الجزء
(1): (صدر هذا الكتاب من وزارة الثقافة) بمناسبة الجزائر عاصمة الثقافة العربية
2007
والجزء (2، 3،
4): مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر (القاهرة).
تعليقات (0)