يمدح الإمام المهدي
للقائم بأمر الله أمير المؤمنين رضي الله عنه
البحر: طويل
(تَجَالَلْتُ عَنْ فِهْرٍ وَعَنْ جَارَتَيْ فِهْرِ ** وودعت نعمى بالسلام وبالهجر)
(وقالت سليمى فيك عنا تثاقلٌ ** مَحَلُّلكَ نَاءٍ وَالزِّيَارَةُ عَنْ غَفْرِ)
(أخِي فِي الْهَوَى مَالِي أرَاكَ هَجَرْتَنَا ** وقد كنت تقفونا على العسر واليسر)
(صدودك عنا غير ناءٍ لطيةٍ ** فَأصْبَحْنَ لاَ يُرْكَبْنَ إِلاَّ الْوَغَى)
(فَكُنْ كَأخ لاَقَى أخاً فَأبَاحَهُ ** أحَادِيثَ لَيْسَتْ مِنْ سِرَارٍ وَلاَ جَهْرِ)
(رَأيْتُكَ قَدْ شَمَرْتَ تَشْميرَ بَاسِلٍ ** وقد كنت ذيال السرابيل والأزر)
(تطرفُ بالروحاء صرام خلةٍ ** ووصال أخرى ما يقيم على أمر)
(وَرَكَّابَ أفْرَاس الصَّبَابَةِ والصِّبَا ** جرت حججاً ثم استقرت فما تجري)
(فَقُلْتُ لَهَا إِذْ وُقِّفَتْ فِي سُرُوجِهَا ** بعاقبة أقرو الحديث ولا أمري)
(ثَنَى وَجْهَهَا الْمَهْدِيُّ يَوْمَ لَقِيتُهَا ** وقد زانها الحناء في قصبٍ عشرِ)
(فأصبحن لا يركبن إلا إلى الوغى ** وَأصْبَحْتُ لاَ يُزْرَى عَلَيَّ وَلاَ أُزْرِي)
(تثاقلت إلا عن يدٍ أستفيدها ** وَزَوْرَةِ أمْلاَكٍ أشُدُّ لَهَا أزْرِي)
(تعبي سليمى بالرضى أو تبدلي ** مِنَ النَّاسِ قَدْرِي إِنْ أصَبْتِ فَتًى قَدْرِي)
(نهاني أمير المؤمنين فبركت ** رِكَابُ الصِّبَى حَتَّى وَعَيْتُ إِلَى كَسْرِ)
(وأخرجني من وزر سبعين حجةً ** فتىً هاشمي يقشعر من الوزر)
(فَلاَ تَعْجَبِي منْ خَارِجٍ مِنْ غَوَايَةٍ ** نوى رشداً قد يعرضُ الأمرُ في الأمرِ)
(فهذا أواني قد شرعتُ مع التقى ** وماتت همومي الطارقاتُ فما تسري)
(دفنتُ الهوى حياً فلستُ بزائرٍ ** سليمى ولا صفراءُ ما قرقر القمري)
(ومل الآن لا أصبو تناهت لجاجتي ** ومات الهوى وانشق عن هامتي سكري)
(عَلَى الْغَزَلَى مِنِّي السَّلاَمُ فَرُبَّمَا ** لهوتُ بها في ظل مرؤومةٍ زهرِ)
(وَمُصْفَرَّةٍ بِالزَّعْفَرَانِ جُلُودهَا ** إِذَا حَلِيَتْ مِثْلَ الْهِرَقْلِيَّةِ الصُّفْرِ)
(وغيرى ثقالِ الردف هبت تلومني ** وَلَوْ شَهِدَتْ قَبْرِي لَصَلَّتْ عَلَى قَبْرِي)
(تَرَكْتُ لِمَهْدِيٍّ الصَّلاَةِ رُضَابَهَا ** وَرَاعَيْتُ عَهْداً بَيْنَنَا لَيْسَ بِالْخَتْر)
(وكنت إذا اعتلت علي قرينةٌ ** ملأت بأخرى غادةٍ لدنةٍ حجري)
(وعارضةٍ سراً وعندي منادحٌ ** فَقُلْتُ لَهَا لا أَشْرَبُ الماءُ بِالْخَمْرِ)
(ولَوْلاَ أَميرُ الْمُؤْمِنينَ مُحَمَّدٌ ** لقبَّلتُ فاها أو جعلتُ بها فطري)
(لَعَمْرِي لَقَدْ أَوْقَرْتُ نَفْسي خَطِيئَةً ** فما أنا بالمزداد وقراً على وقر)
(وَفَاسِقِ قَوْم قَدْ دَنَا بِنَصِيحَةٍ ** فأزريتهُ قد ينفعُ العاشقُ المزري)
(أقولُ لعمرو يوم غاب ابن عمه ** ولاَ بُدَّ مِنْ قَوْلٍ يُؤَدَّى إِلَى عَمْرِو)
(سعى في فسادي مرةً فشفيتهُ ** مرَاراً كِلاَ يَوْمَيَّ شَرًّا منَ الدَّهْرِ)
(وَلاَ يَضْبِطُ الْعَثْرَاءَ إِلاَّ ابْنُ حُرّةٍ ** سَبُوقٌ بِحَدِّ السَّيْف مُطَّلعُ الْعُذْرِ)
(ولولا اصطناعي مالكاً وابن مالكٍ ** قَديماً لَمَا زَلَّتْ بِهِ النَّعْلُ في الْبَحْرِ)
(وَلَمَّا رَأَيْتُ الْقَوْمَ خَفَّتْ حُلُومُهُمْ ** يَرُومُونَ بَحْراً لَمْ أعَرِّجْ عَلَى بَحْرِ)
(تركتُ الهوينا للضعيف وشمرت ** بِي الْحَرْبُ تَشْمِيرَ الْحَرُورِيّ عَنْ فَتْرِ)
(وعذراء لا تجري بلحمٍ ولا دمٍ ** بَعِيدَةِ شَكْوَى الأيْنِ مُلْحَمَةِ الدَّبْرِ)
(إذا طعنت فيها القبولُ تشمصت ** بفرسانها لا في سهولٍ ولا وعرِ)
(وإِنْ قَصَدَتْ دَلَّتْ عَلَى مُتَنَصِّبٍ ** ذليلِ القرى لا شيء يفري كما تفري)
(تلاعبُ نينان البحور وربما ** رأيت نفوس القوم من جريها تجري)
(تحملت منها صاحبي ومنصفي ** تزف زفيف الهيق في البلد القفر)
(إِلَى مَلكٍ مِنْ هَاشِمٍ في نُبُوءَةٍ ** ومن حميرٍ في الملك والعدد الدثرِ)
(من المشترين الحمد تندى من الندى ** يداه وتندى عارضاه من العطر)
(كأنَّ الْمُلُوكَ الزُّهْرَ حَوْلَ سَرِيرِهِ ** وَمِنْبَرِهِ الْكِرْوَانُ أَطْرَقْنَ منْ صَقْرِ)
(أعاذل قد أكثرت غير مطاعةٍ ** وَمَا كُلُّ مَا يَخْشَى النَّوَاضِحُ بِالنَّقْرِ)
(دَعِينِي فَإنِّي مُعْصِمٌ بِمُحَمَّدٍ ** سَمِيِّ نَبِيِّ اللَّه وَالْمَلِكِ الْحُرِّ)
(نشم مع الريحان طيباً فعالهُ ** ذكاءً ونرجوه عياضاً من القطر)
(إذا سامني خسفاً زعيمُ قبيلةٍ ** أَبَيْتُ فَلَمْ أُعْطِ الْمَقَادَ عَلَى الْقَسْرِ)
(وَأَلْزَمْتُ حَبْلِي حَبْلَ مَنْ لاتُغِبُّهُ ** عُفَاةُ النَّدَى منْ حَيْثُ يَدْرِي ولاَ يَدْرِي)
(فَتِيقُ بَنِي الْعَبَّاسِ يَدْعُو إِلَى النَّدَى ** ويمسي دواراً في المقام وفي السفر)
(إِذَا مَا دَعَا ثَابَتْ إِلَيْهِ عَصَائِبٌ ** كرامٌ أعينوا بالصلاة وبالصبر)
(كهول وشبانٌ عليهم مهابةٌ ** وفيهم غناءٌ للعوان وللبكر)
(بنو هاشم لا يشربون على القذى ** مصاليتُ لعابون بالأسل السمر)
(يهزون صماً مرقلاتٍ إلى العدى ** لها نفذٌ بين الرهانة والكبر)
(عُرِفْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ برِقةٍ ** علينا ولم تعرف بفخرٍ ولا كبر)
(بَنَى لَكَ عَبْدُ اللَّه بَيْتَ خِلاَفَةٍ ** نَزَلْتَ بِهَا بَيْنَ الْفَرَاقِدِ وَالنِّسْرِ)
(وَعِنْدَكَ عَهْدٌ مِنْ وَصَاةِ مُحَمَّدٍ ** فرعت بها الأملاك من ولد النضرِ)
(ورثت عليا شيمةً أريحيةً ** وَصُنْتَ ابنَ عَبّاس وأَيَّدْتَ بِالشُّكْرِ)
(وَأحْرَزْتَ مِيرَاثَ النَّبِيء مُحَمَّد ** على رغم قومٍ ينظرون على دعر)
(وأبقى لك العباس يوماً مشهراً ** إِذَا سِرْتَهُ في الذِّكْرِ جَلَّ عَن الذِّكْرِ)
(مُجَالَدَةٌ دُونَ النَّبيء بِسَيْفِهِ ** بِوَادِي حُنَيْنٍ غيْرَ وَانٍ ولاَ غُمْر)
(كأن دماء القوم يوم لقائه ** رداع عروس بالذارعين والنحر)
(عشية يدعو المسلمين بصوته ** وَقَدْ نَفَرُوا وَاسْتَطْلَعَ الصَّوتَ عَنْ نَفْرِ)
(وَأَنْتَ امرُؤٌ تَهْوى إِلَيْكَ قُلُوبنَا ** وألبابنا يوم الهياج من الذعر)
(وقفت على أمرٍ فأصبحت عارفاً ** بما يتقى من بطن أمر ومن ظهر)
(إِذَا الْقَطْرُ لَمُ تَغْزِرْ عَلَيْنَا سَمَاؤُهُ ** بأرضٍ وثقنا من سمائك بالغزر)
(وخمرٍ كبرد الماء في خمر بابل ** جمعتَ فما تنفك كالماء والخمر)
(وَسَيْفك مَنْصُورٌ وَأَنْتَ مُشَيَّعٌ ** ومن نفرٍ لا يعصمون على وتر)
(قَتَلْتَ الشُّرَاةَ النَّاكِثِينَ عَن الْهُدَى ** وقنعت بالسيف المقنع بالكفر)
(فَأًصْبَحَ قَد بَدلْتَهُ مِنْ قَمِيصِهِ ** قَمِيصاً يَهُولُ الْعَيْنَ منْ عَلَقٍ حَمْرِ)
(تروح بأرزاق وتغدو بغارة ** على الناكث الضليل والحاسد المغري)
(كذاك يد المهدي تضحي مطيرةً ** وَتُمْسِي حُتُوفاً للْجُبار وَمَنْ يَشْرِي)
(وغيران من دون النساء كأنه ** أسامة وافى الطارقات على أجر)
(جَزَى اللَّهُ مَهْدِيَّ الصَّلاَةِ كَرَامَةً ** لقد فل عن ديني وخفف من ظهري)
(كساني وأعطاني وشرف مجلسي ** بمجلسنا يوم الحنينة والعقر)
(فأصبحت في ظل العشيرة مشرقاً ** على البأو في بيت العشيرة بالعشرِ)
(كأني من الأملاك أملاك هاشم ** بأبوابهم من مححدين ومن مثر)
(كذاك قرابين الملوك بيوتهم ** مثابات من راح ومن سيدٍ غمر)
(وكم رائشٍ بارٍ ولولا محمدٌ ** طوته الليالي ما يريش ولا يبري)
(وطاغٍ أصابتهُ سيوفُ محمدٍ ** فأصبح ملقى للغراب وللنسر)
(إِذَا جَلَسَ الْمَهْديُّ عَمَّتْ فُضُولُهُ ** علينا كما عم الضياءُ من البدر)
(هَوَ الْعَسَلُ الماذِيُّ طَوْراً وَرُبَّمَا ** يكون كبير القوم مر جنى الصدر)
(تدر له أخلاف در غزيرةٌ ** وَدَرَّتْ لَنَا كَفَّاهُ منْ نَائِلٍ تَجْري)
(أَلاَ أَيُّهَا الْمُمْتَاحُ إِنَّ مُحَمَّداً ** يؤول إلى عز ويغدو مع النصر)
(مِنَ الصِّيدِ وَلاَّغُ الدِّمَاءِ إِذَا غَدَا ** ومستمطرُ المعروف وقراً على وقرِ)
(يقوم بأفعال الكرام وعنده ** شفاءٌ من الداء: المحبة والفقرُ)
(لنا كل يومٍ من يديه سحابةٌ ** تَجُودُ عَلَيْنَا بالإِنَاثِ وبالذُّكْرِ)
(إمام هدى في الحمد والأجر همهُ ** ولا خير فيما ليس بالحمد والشكر)
(رجعت به جذلان غير مقدمٍ ** شَفِيعاً وأَرْجُو أَنْ أَسُوِّغَهُ عُمْرِي)
مصادر و المراجع :
١- ديوان بشار بن برد
المؤلف: أبو
معاذ، بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ)
جمعه وشرحه وكمله
وعلق عليه: فضيلة العلامة سماحة الأستاذ الإمام الشيخ (محمد الطاهر ابن عاشور)
الجزء الثاني:
علق عليه ووقف
على طبعه:
[محمد رفعت فتح
الله]
الأستاذ في كلية
اللغة العربية بالجامع الأزهر
و [محمد شوقي
أمين]
المحرر في مجمع
اللغة العربية بمصر
(1373 هـ - 1954
م)
الجزء الثالث:
راجع مخطوطته
ووقف على ضبطه وتصحيحه: محمد شوقي أمين (المحرر في مجمع اللغة العربية بمصر)
(1376 هـ - 1957
م)
الجزء الرابع:
راجعه وصححه:
محمد شوقي أمين (المحرر الأول في مجمع اللغة العربية بالقاهرة)
(1386 هـ - 1966
م)
الناشر: الجزء
(1): (صدر هذا الكتاب من وزارة الثقافة) بمناسبة الجزائر عاصمة الثقافة العربية
2007
والجزء (2، 3،
4): مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر (القاهرة).
تعليقات (0)