المنشورات
مَلْحَمَةُ حُرٍّ
فِي الدُّجَى هَلْ رَأَيْتَ فِكْرَ طَرِيدِ ... لا يُبَالِي طُغَاةَ حُكْمِ الْحَدِيدِ؟
هَلْ تُرَاهُ يَنَامُ لَيْلاً طَوِيلاً ... فِي انْتِظَارِ الْكِلابِ تَعْوِي بِبِيدِ
أَوْ تُرَاهُ يُقَطِّعُ اللَّيْلَ فِكْرًا ... فِي خَلاصٍ لأُمَّةٍ فِي الْقُيُودِ؟
يَا لَهُ مِنْ دُجًى يَسُودُ وَيَطْغَى ... مَنْ لِفَجْرٍ يَاتِي بِمَجْدٍ تَلِيدِ؟!
أَتُرَاهُ يَصِيرُ نَجْمًا مُضِيئًا ... هَادِيًا لِلأُبَاةِ رَمْزَ الصُّمُودِ
أَمْ تُرَاهُ كَشَمْعَةٍ فِي ظَلامٍ ... هَاجَ رِيحٌ عَلَى ضِيَاهَا الْبَؤُودِ؟
هَجَمُوا كَالْكِلابِ كَي يَاسِرُوهُ ... أَسَرُوهُ كَأَسْرِ لَيْثٍ عَنِيدِ
أَوْثَقُوهُ وَعَصَّبُوا عَيْنَيْهِ ... عَذَّبُوهُ وَلَيْتَهُمْ كَالْيَهُودِ
سَأَلُونِي تَكُونُ مَنْ؟ قلت: حرٌّ ... إِنَّنِي حُرٌّ فِي دِيَارِ الْعَبِيدِ
أَطْرَقُوا دَهْشَةً وَبَهْتًا وَقَالُوا ... كَيْفَ شَبَّ الأَبِيُّ بَيْنَ السُّجُودِ؟!
هَلْ مَكَثْتَ الْحَيَاةَ فِي أَرْضِنَا أَوْ ... قَدْ أَتَيْتَ افْتِتَانَهُمْ مِنْ بَعِيدِ؟
أَرَضَعْتَ الْخُنُوعَ - لَسْتُ أُرَاكَهْ ... أَمْ سَقَاكَ الإِبَاءَ بَعْضُ الْوُغُودِ؟
كَيْفَ رُمْتَ التَّحَدِّيَ انْطِقْ أَجِيبَنْ ... سَفَهًا مِنْكَ أَمْ لِجَهْلِ الْوَعِيدِ؟
فَتَبَسَّمْتُ ثُمَّ قُلْتُ: رُوَيْدًا ... لِمَ صِرْتُمْ كَذِي مُصَابٍ شَدِيدِ؟!
أَوَخِلْتُمْ حُرًّا أَبِيًّا يَهَابَنْ ... أَيَّ بَاسٍ وَلَوْ بِقَطْعِ الْوَرِيدِ؟!
كُنْتُ عَبْدَ الدُّنْيَا وَحُرِّرْتُ لَمَّا ... بِعْتُ نَفْسِي وَرُمْتُ دَارَ الْخُلُودِ
فَأَنَا الْحُرُّ صِرْتُ حُرًّا بِدِينِي ... وَعَدُوًّا لِكُلِّ طَاغٍ مَرِيدِ
وَأَنَا الْحُرُّ وَالْمُحَرِّرُ قَوْمِي ... وَأَنَا مَنْ يُعِزُّ دِينَ الْمَجِيدِ
كَمْ يَغِيظُ الثَّبَاتُ قَوْمًا مُنَاهُمْ ... أَنَّ حُرًّا يُثْنَى بِبَاسٍ مَزِيدِ
عَذَّبُونِي بِقَسْوَةٍ ثُمَّ قَالُوا ... أَيُّ حُرٍّ جَزَاؤُهُ كَالْحَصِيدِ
أَتَرُومُونَ بَعْثَ شَعْبٍ خَنُوعٍ؟! ... ذَاكَ شَعْبُ الرُّقَادِ مُنْذُ الْعُهُودِ
هَلْ حَسِبْتُمْ عُيُونَنَا قَدْ تُغَافِي؟! ... هَلْ دَرَيْتُمْ مَا عِنْدَنَا مِنْ جُنُودِ؟!
مَنْ يَذُقْ بَعْضَ نَارِنَا - قَدْ رَأَيْتَهْ ... يَتَبَرَّا مِنْ كُلِّ وَغْدٍ عَنِيدِ
فَتَحَامَلْتُ ثُمَّ قُلْتُ: زَعَمْتُمْ ... ذِي دَعَاوَى سَتَنْتَهِي لِلْخُمُودِ
غَرَّكُمْ قِلَّةُ الأُبَاةِ وَخِلْتُمْ ... أَنَّ فِي نَارِكُمْ هَلاكَ الأُسُودِ
رُبَّ حُرٍّ يُحَرِّرُ النَّاسَ قَتْلُهْ ... فَوْقَ مَا يَجْنِي فِي مِئَاتِ الْعُقُودِ
ذَهَبٌ هُمْ تَزِيدُهُمْ نَارُكُمْ هَا ... ذِي نَقَاءً وَكُلَّ وَصْفٍ حَمِيدِ
إِنْ تَكُنْ نَارُكُمْ هَلاكًا فَإِنَّا ... فِي ثَبَاتٍ وَفِي نَمَاءٍ مَدِيدِ
أَطْرَقُوا فِي يَاسٍ وَحُزْنٍ وَقَالُوا ... أَوَيَحْيَا الرُّقُودُ بَعْدَ الرُّقُودِ؟!
إِنْ يَكُنْ أَحْرَارُ الْبِلادِ قَلِيلاً ... فَسَيُحْيُونَ شَعْبَهُمْ مِنْ جَدِيدِ
اسْجِنُوهُ وَكُلَّ حُرٍّ عَنِيدٍ ... لا لِحُرٍّ يَعِيشُ بَيْنَ الْعَبِيدِ
مصادر و المراجع :
١- ملحمة حر «ديوان»
المؤلف: عبد
الحميد محمد محمد حسين ضحا
الناشر: مكتبة
الآداب، القاهرة
الطبعة: الأولى،
1433 هـ - 2011 م
25 يونيو 2024
تعليقات (0)