المنشورات
شهرالصيام
نشرت في جريدة البصائر سنة 1937.
•---------------------------------•
أطل على البرية بالسلام …*… ولح باليمن يا شهرالصيام
وحل على بني الإسلام ضيفا …*… كريما بين رعي واحترام
وعيدا باللطائف والهدايا …*… تعود عليهم في كل عام
ألم ينزل اليهم فيك قدما …*… كلام الله بورك من كلام؟
نفحت المسلمين بمثل ورد …*… من القرآن مفتر الكمام
هززت قلوبهم هز الروابي …*… وسقت لها الهدى سوق الغمام
فهم مهما قررت عينا …*… ببر الشيخ منهم والغلام
وأمنت الخليقة وهي غرقى …*… تكابد كل دفع واصطدام
حملت لها من الزيتون غصنا …*… كما حملته سالفة الحمام
ويسرت التراضي للبرايا …*… فما لهم تمادوا في الخصام؟
سبرت سقام أنفسهم علاجا …*… فما أجدى علاجك في السقام
فتحت لهم سماء الله بابا …*… فصدوا مخلدين إلى الرغام
فيا لك داعيا للخير يأبى …*… إجابة صوته غير الكرام
لقد قطعوا نهارك بالتحري …*… لصومهم وليلك بالقيام
وقد صاموا عن الشبهات لا عن …*… شرابهم فحسب أو الطعام
فعفوا عن مقاربة التعدي …*… وكفوا عن مقارفة الأثام
نووا لله صومهم فطابوا …*… وطاب خلوفهم طيب البشام
أولائك صومهم بالأجر يحظى …*… وترفعه الملائك باهتمام
رأوا نعم الفناء الى بلايا …*… تؤول فاثروا نعم الدوام
وصاموا شهر ربهم احتسابا …*… له فأثابهم دار السلام
أعد لهم بها (الريان) بابا …*… ليدخلهم به دون الأنام
فقل لأخي الأوام اليوم أبشر …*… ستحمد في غد غب الأوام
ستسقاها مشعشعة وصرفا …*… مداما لذة لا كالمدام
فليس تضر شاربها بغول …*… وليس تجر شاربها لذام
يطاف عليك من وقت لوقت …*… بها بين احتفاء واحتشام
يشع بكل إبريق سناها …*… ويعبق طيبها من كل جام
وبين يديك خيرات حسان …*… قصرن عليك في أبهى الخيام
فقل ما شئت في طيب وأنس …*… وتفكهه وبشر وابتسام
وقل ما شئت في أجر عظيم …*… يفوز به ذوو الهمم العظام
مقامات الرجال هناك شتى …*… فلا تختر سوى أعلى مقام
ولو هم الهمام بمستحيل …*… لما استعصى على هم الهمام
فمد الطرف فوقك تلق قصرا …*… كمثل النجم يلمع في الغمام
على الأقدار علي لا الروابي …*… وبالأنوار حلي لا الرخام
فمل وانزع اليه هوى وسعيا …*… عساك إليه تحظى باستنام
وراقب ليلة القدر أغتناما …*… لفرصتها الجديرة باغتنام
فكم لله فيها من عطايا …*… عظيمات ومن منن جسام
مفضلة النوافل مصطفاة …*… مقدسة مباركة النسام
وخير يومها من ألف شهر …*… وأمن كلها حتى التمام
تيمم موردا لله فيها …*… عساك اليه تخلص في الزحام
وقل للنفس ويحك لا تكلي …*… وقل للعين ويحك لا تنامي
وداع إن أتى رمضان يدعو …*… به فوق النواميس النوامي
يقول به لباغي الشر أقصر …*… وباغي الخير أقبل للأمام
فبشرى للذي لباه بشرى …*… بهطال من الرحمات هامي
ويا من صد عنه شقيت حظا …*… وبؤت بكل خزي وانتقام
أراك تبعت في الدنيا فئاما …*… خوالف بئسما هم من فئام
وكم من مفطر في القوم سرا …*… عديم الدين منهتك الذمام
يواري وجهه في ركن بيت …*… ويزدرد المآكل بالتهام
ألم يعلم بأن الله يدري …*… دبيب النمل في جنح الظلام؟
قضى ما شاء في الخلق احتكاما …*… فلم يجحف بحق في احتكام
وأتقن كل شيء منه صنعا …*… وقدر كل شيء بانتظام
فلم يستكمل الإنسان خلقا …*… ليتركه سدى طلق الزمام
فصم صوم الكرام يثبك أجرا …*… كريما لا تصم صوم اللئام
اذا ما جاءهم رمضان خروا …*… على شهواتهم صرعى غرام
وكان صيامهم سبب اتحاد …*… فصار بخلفهم سبب انقسام
فرهط صام يوما قبل رهط …*… وظلوا في جدال واحتدام
رأوا أيام صومهم طوالا …*… فأفنوها بلغو أو منام
قوام صيامهم ظمأ وجوع …*… لهم ما غير ذلك من قوام
وكم من طاعم ريان منهم …*… يئن بجنبه جوعان ظامي
فياويح الفقير يضيع جوعا …*… وليس له من الأقوام حامي
يطوف على المزابل حيث يرجو …*… فتات الخبز أو قطع العظام
ولولا الجوع لم ينبش قماما …*… ولم يشتق الى ما في القمام
وقد يطوى الأزقة مستميحا …*… فيحرمه الحطام ذوو الحطام
وقد يأتي البيوت بها فتخشى …*… ذراريها وتجفل كالنعام
وقد يعطى الإدام بلا رغيف …*… وقد يعطى الرغيف بلا ادام
مآس كالسهام رمت فأصمت …*… بلادا مثل أهداف السهام
وبؤس يترك الأحشاء منا …*… جوائش في اضطراب واضطرام
تعالوا للندى قومي تعالوا …*… تنالوا بالندى أقصى المرام
تعالوا نأس مطرحا جريحا …*… لعل لجرحه وشك التئام
تلافوا بالندى حيا كميت …*… كأن محله بعض الرجام
ألا فتدرعوا من كل بلوى …*… بإسعاف الفقير أسد لام
أخا الإسلام قد آخيت دينا …*… صيامك فيه رابعة الدعام
أتى رمضان وهو أجل شهر …*… أقمه لكبح نفسك كاللجام
تحام الفسق فيه فليس يرجى …*… قبول الصوم الا بالتحامي
اذا راماك ذو سوء بسوء …*… لإضرام العداء فلا ترام
ولا تظلم فقيرا بانتهار …*… ولا تظلم حقيرا باتهام
رأيت أذى احتقار الناس أقسى …*… عليهم من أذى الموت الزؤام
فكن هينا لكل الناس لينا …*… وديعا لا تكن صلب العرام
وقابل بالتجمل كل قذف …*… وطعن من لسان كالحسام
ستنجاب الضغائن بعد حين …*… وتشتاق القلوب الى الوئام
وكيف يميل للهجران جمع …*… يهدد بالنوى أو الحمام؟
تمهل برهة واصبر قليلا …*… فكل النائبات الى انهزام
وما الدنيا سوى مهد ابتلاء …*… لأنفسنا وميدان اقتحام
ونحن المؤمنين بها رماة …*… الى قاص من الأهداف سامي
مهمتنا التماس البر فيها …*… وغايتنا بها حسن الختام
مصادر و المراجع :
١- ديوان محمد العيد آل
خليفة
المؤلف: محمد
العيد بن محمد علي خليفة (المتوفى: 1399هـ)
الناشر: دار
الهدى، عين مليلة - الجزائر
عام النشر: 2010
27 يونيو 2024
تعليقات (0)