حين صدر كتاب (محمد عثمان باشا) للأستاذ أحمد توفيق المدني استقبله صديقه الشاعر بهذه القصيدة مقرظا ومنوها بتاريخ الجزائر ودولة الأتراك.
ونشرت القصيدة في (البصائر) سنة 1937.
•---------------------------------•
أبحث فلن تعدم من يخبر …*… قد تنشر الأيام ما تقبر
واستخبر التاريخ عن دولة …*… مرت على اجلائها الأعصر
كان لها في أرض "مزغنة" …*… ملك وسلطان بها يزخر
كانت به تفخر مزهوة …*… وكان مزهوا بها يفخر
حدث عن الترك وعن بأسهم …*… فبأسهم في الحرب لا ينكر
حدث- خلاك الذم- عن عسكر …*… لهم خلوا ما مثلهم عسكر
من كل جندي يخوض الوغى …*… كأنه في ساحها قسور
أو قائد راياته تعتلي …*… أو (رايس) (1) أسطوله يمخر
و (الداي) فيهم مورد مصدر …*… ما يورد الديوان (2) أو يصدر
حكومة الديوان دلت على …*… عدل من الترك لهم يشكر
قامت على الشورى فما دونها …*… وال بأمر الحكم يستأثر
قف حول بحر الروم مستفسرا …*… فكم وعى الأخبار مستفسر
وقل له مستطلعا قل له …*… هل تذكر الأتراك هل تذكر؟؟
هل تذكر (الرياس) تعنو لهم …*… قراصن البحر وتستأسر؟
صالوا فلا الإسبان تثنيهم …*… ولا الفرنسيس بهم تظفر
عرش على الدأماء قد شاده …*… من لا يخاف الموت أو يحذر
جرى الدم الأحمرمن حوله …*… فكاد يخفى موجه الأخضر
يا بحر في عهدك خلف مضى …*… فهل تصون الحلف أو تغدر؟
(مزغنة) (1) حولك مأزومة …*… ويسرها المرجو مستعسر
لا عربها في كل حي بها …*… عرب ولا بربرها بربر
قد أدبر المقبل من أمرها …*… وحكمها مذ أقبل المدبر
فكل أرض خصبة جدبة …*… وكل ربع عامر مقفر
ضاقت بنا الدنيا على رحبها …*… وساءنا المنظر والمخبر
هل زلزلت أرض بنا فدفد …*… أم عصفت ريح بنا صرص؟
دجى من الأحداث ملنا بها …*… لليأس لولا بارق يظهر
ومعشر من نبت مزغنة …*… في البر لم يلحق بهم معشر
لاحوا على اليمن بأفاقها …*… كما يلوح العارض الممطر
من عالم في نصحها لايني …*… أو كاتب عن حقها يجهر
أو باحث في درس تاريخها …*… يدأب كالأفلاك لا يفتر
أما ترى (أحمد) كيف اجتلى …*… للترك عصرا نيرا يبهر
(محمد عثمان باشا) به …*… ينهى بسيف الحق أو يأمر
ويستشير الجند مستفسرا …*… كالليث في أشباله يزأر
حكومة زهراء في عصرها …*… دل عليها كوكب أزهر
دل عليها كاتب ماهر …*… كأنما أنجبه عبقر
لا يبخس الأبطال حقا ولا …*… يمن بالأعمال يستكثر
تلك الأيادي لا دعاو بها …*… يهذر كالمحموم من يهذر
فاهنأ أخي (توفيق) وابشر وكن …*… أجدر من يهنأ أو يبشر
وضعت في الميزان جيلا مضى …*… ما فيه تستوفي ولا تخسر
وقمت بالتبشير في أمة …*… لباك منها السامع المبصر
فادأب على التاريخ واكشف به …*… حضارة عن أهلها تستر
نحن لأدواح العلى ننتمي …*… وفرع شانينا هو الأبتر
من كل خسران بنا محدق …*… نعوذ بالله ونستنصر
نصبر ما استكبر أعداؤنا …*… في الأرض والعقبى لمن يصبر
فمجدنا أعظم من مجدهم …*… والله من أكبرهم أكبر!!
مصادر و المراجع :
١- ديوان محمد العيد آل
خليفة
المؤلف: محمد
العيد بن محمد علي خليفة (المتوفى: 1399هـ)
الناشر: دار
الهدى، عين مليلة - الجزائر
عام النشر: 2010
تعليقات (0)