المنشورات

أبت النفس أن تراك عديما

القصيد الخالد الذي ألقاه شاعر المغرب العربي وشيخ شعرائه الأستاذ "محمد العيد" في الحفل الشعبي الرهيب الذي أقامه الشعب الجزائري لتوديع الراحل الكبير، الإمام المصلح ورائد الثقافة العربية في العالم العربي والإسلامي الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، رحمه الله ورضي عنه في الخالدين وذلك أمام ضريحه بمقبرة "سيدي أمحمد" بالجزائر العاصمة يوم الجمعة 20 محرم 1385هـ - 21 ماي 1965م.
•---------------------------------•
قم بحق الإخاء وارث حميما …*… راحلا مخلص الولاء صميما
صد عنك الذي دنا منك ودا …*… وحنا عاطفا عليك كريما
صد عنك "البشير" شب حنايا الصـ …*… ـدر نارا وهدها تحطيما
حم موت البشير فاكتأب الشعب …*… وأصغى إلى النعي كظيما
فجعت أمة العروبة في الها …*… دي لمن ظل نهجها المستقيما
كان للعلم في الجزائر روضا …*… مستطابا يحي النفوس شميما
ولقد أسس المعاهد فيها …*… منذ عهد وخطط التعليما
فقد "المجمع الكناني" عضوا …*… نادر الكفء بالغريب عليما
كان بحرا من المعارف زخا …*… را وذخرا من الفنون جسيما
ودماغا وعى "المحيط " محيطا …*… ولسانا حوى "اللسان" قويما
راض فصحى اللغى فأوتي فيها …*… منطقا ساحرا وذوقا سليما
رافق الكتب والمكاتب دهرا …*… وتقصى أعلامها تعميما
فبدا عصرها القديم جديدا …*… وبدا عصره الجديد قديما
كان لـ"لأصعي" و"ابن دريد" …*… و"الكسائي" في الليالي نديما
بادل "الصاحب" الاديب نثيرا …*… مثلما ساجل "الخليل" نظيما
يا أخي الحق لست أنسى حديثا …*… عندما عدتك استرق نسيما
قبل ما قلت فيه: نحن على العـ …*… ـد عهدناك للعهود مديما
وبلوناك في البلاء وقورا …*… وصبورا على الجفاء حليما
مستقر اليقن لا ترتضي الريـ …*… ـب ولا العيب والنفاق الذميما
إن قبرا آواك ضم منارا …*… من ذكاء ما ضم عظما رميما
وترابا حواك أرض جلال …*… وكمال نرى لها التحريما
يا رعى الله أمة بك برت …*… وأقرت لفضلك التقديما
خرجت نحو نعشك اليوم تسعى …*… وعلى القبر سلمت تسليما
شاطرت "آل طالب" في أساهم …*… وأستهم لأجرهم تعظيما
فعزاء "آل البشير" عزاء …*… كلنا اليوم بالفجيعة ريما
إنما الموت راحة الحر مما …*… كان مرا من المتاع وخيما
انما الموت فرقة الروح للجسـ …*… ـم على الخلق حتمت تحتيما
سنة سنها الذي أنشأ المر …*… ء فما زال راحلا ومقيما
وعزاء يا نخبة الشعب فيمن …*… كان للشعب سيدا وخديما!!
كان في العلم رائدا وإماما …*… ورئيسا وقائدا وزعيما!
يا أخي الحق إن قصرت عن القو …*… ل فما قصر الفؤاد كليما
فسلاما ولا أقول وداعا …*… أبت النفس أن تراك عديما
وأبى القلب أن يفارق قلبا …*… طافحا بالرضى وعقلا فهيما
وصديقا يرعى الحقوق ويأبى …*… أن يضام الصديق أو أن يضيما
أنت بيضت وجه شعبك فخرا …*… بيض الله منك وجها وسيما
فلقد كنت للعروبة فينا …*… ولدين الإسلام رمزا حكيما
ولقد كنت للجزائر طودا …*… بين أطوادها تشق السديما
تحضن النشء كافلا وتربي …*… وتعبي وتحكم التصميما
فائت أخراك مطمئنا ففيها …*… ضفت رحمان للعباد رحيما
وتسنم فردوسها وتنسم …*… روحها روايا بها تسنيما
إن حسن الرجاء في الله ذخر …*… ترتجي عنده به التكريما
فإلى موطن الكرامة بارح …*… عالما يحرج الكرام لئيما
عشت فوق الثرى عظيما فأحرى …*… بك أن تسكن السماء عظيما!













مصادر و المراجع :

١- ديوان محمد العيد آل خليفة

المؤلف: محمد العيد بن محمد علي خليفة (المتوفى: 1399هـ)

الناشر: دار الهدى، عين مليلة - الجزائر

عام النشر: 2010

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید