المنشورات

أول من أوقد النار بالمزدلفة حتى يراها من يندفع من عرفة فهى توقد إلى الآن قصى

وهى احدى نيران العرب، ونيران العرب هى نار الاستمطار، ونار التحالف ونار الأهبة للحرب، ونار الطرد، ونار الحرس، ونار السعالى، ونار الاسد، ونار القرى، ونار السليم ونار العذاء، ونار الوسم.
فأما نار الاستمطار: فكانوا فى الجاهلية الاولى اذا احتبس المطر وهى احدى نيران العرب، ونيران العرب هى نار الاستمطار، ونار التحالف ونار الأهبة للحرب، ونار الطرد، ونار الحرس، ونار السعالى، ونار الاسد، ونار القرى، ونار السليم ونار العذاء، ونار الوسم.
فأما نار الاستمطار: فكانوا فى الجاهلية الاولى اذا احتبس المطر يذكرون الجبال التى يعرفونها.
وأما نار الطرد: فانهم كانوا يوقدونها خلف من يمضى ولا يشتهون رجوعه، قال شاعر قديم:
وجمّة أقوام حملت فلم تكن ... لتوقد نارا خلفهم للتندّم
والجمة الجماعة يمشون فى الدم والصلح.
قال بشار:
صحوت وأوقدت للجهل نارا ... وردّ عليك الصّبا ما استعارا
وأما نار الأهبة للحرب: فانهم كانوا إذا أرادوا حربا، أو توقعوا جيشا، أوقدوا نارا على جبلهم، ليبلغ الخبر أصحابهم فيأتونهم قال عمرو بن كلثوم:
ونحن غداة أوقد فى خزار «1» ... رفدنا فوق رفد الرّافدينا
واذا جد الامر أوقدوا نارين، قال الفرزدق:
لولا فوارس تغلب ابنة وائل ... نزل العدوّ عليك كل مكان
ضربوا الصنّائع والملوك وأوقدوا ... نارين أشرفتا على النيران
وأما نار الحرس: فكانت في بلاد عبس، فاذا كان الليل فهى نار تسطع، وفى النهار دخان يرتفع، وربما ندر منها عنق فأحرق من صوبها، فحفر لها خالد بن سنان فدفنها، فكانت معجزة له، وأهل النظر ينكرون نبوته، ويقولون: انما كان أعرابيا من أهل البادية، والله تعالى يقول:
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى
«1» .
وقال خليد العبثى:
وأىّ نبىّ كان من غير قرية ... وهل كان حكم الله فى كرب النّحل
وقال:
كنار الحرّتين لها زفير ... تصمّ مسامع الرّجل السّميع
وأما النار التي تنسب الى السعالى «2» : فهو شيء يقع للمتغرب والمتقفر قال أبو المطران عبيد بن أيوب:
لله درّ الغول أىّ رفيقة ... لصاحب دوّ «3» خائف متقفّر
أرنّت بلحن بعد لحن وأوقدت ... حوالىّ نيرانا تبوح وترهر
وأما نار الصيد: فنار توقد للظباء لتعشى اذا نظرت اليها، ويطلب بها ايضا بيض النعام، قال الطفيل:
عوارب لم تسمع تنوح مقامه ... ولم تر نارا ثمّ حول محرّم 
سوى نار بيض أو غزال بقفرة ... أغنّ من الخنس «1» المتاجر توأم
وأما نار الأسد: فانهم يوقدونها اذا خافوه، وهو اذا رأى النار استهالها، فشغلته عن السابلة، قال بعضهم: إذا رأى الأسد النار حدث له فكر يصده عن ارادته، والضفدع اذا رأى النار تحير وترك النقيق، وتنبأ بعضهم فقيل له ما علامتك؟ وكان بقربه غدير فيه ضفادع تنق ليلا قال: آمر ضفادع هذا الغدير بالسكوت فتسكت، ثم قال لغلامه خذ السراج وامض، فقل لها فلتسكت، فسكتت. لما رأت السراج، ففتن القوم، وكان مسيلمة قد عمد الى بيضه فجعلها فى خل، ثم أدخلها قارورة ضيقة الرأس. وتركها، فجفت فيها وعادت الى هيئتها، وكذلك تكون وأتى بها جماعته وأهل بيته، فدعاهم الى تصديقه فكذبوه فأخرجها، فلما نظروا اليها تحيروا وصدقوه، وهم أعراب جهال لا يعرفون وجوه الأمور، وأخذ حماما مقاصيص ودخل بيتا، وزعم انه يناجى الله لينبت أجنحتها فى الحال، فغرز فى أجنحتها ريشا أعده عنده، ثم أخرجها وخلاها فطارت فزادت فتنة القوم، وكانوا من أجهل الناس ومن جهلهم انهم اتخذوا إلها من الحيس «2» فعبدوه دهرا، ثم أصابتهم مجاعة فأكلوه، فقال رجل من بنى تميم يهجوهم:
أكلت حنيفة ربّها ... زمن التّقحّم «3» والمجاعه
لم يحذروا من ربّهم ... سوء العواقب والتّباعه
واما نار الحباحب «4» : فكل نار لا أصل لها، مثل ما ينقدح من نعال الدواب وغيرها، قال أبو حية:
وأوقد نيران الحباحب والتقى ... غضا «1» تتراقى بينهنّ ولاوله
والعرب تسمى البرق نارا، قال الشاعر:
نار يعود بها للعود جدّته ... والنّار تلفح عيدانا فتحترق
ونار اليراعة: وهو طار صغير، اذا طار بالليل حسبته شهابا، والطرب «2» من الفراش اذا طار بالليل حسبته شرارة، وتقول العرب: أكذب من تلمع، وهو حجر يلمع من بعيد واذا دنوت منه لم تر شيئا.
ونار القرى: توقد للأضياف، قال الشاعر:
له نار تشبّ بكلّ ريع ... إذا النيران جلّلت القناعا»
وما أن كان أكثرهم سواما «4» ... ولكن كان أرحبهم ذراعا
وأخذه الأشجع فقال:
تروم الملوك مدى جعفر ... ولا يصنعون كما يصنع
وكيف ينالون غاياته ... وهم يجمعون ولا يجمع
وليس بأوسعهم فى الغنى ... ولكنّ معروفه أوسع
وقال ابن ميادة:
يداه يد تنهلّ بالخير والنّدى ... وأخرى شديد بالاعادى ضريرها
وناراه نار زاد كلّ مدفّع ... وأخرى يصيب المجرمين سعيرها
وقال الأعشى:
يشبّ لمقرورين يصطليانها ... وبات على النّار النّدى والمحلّق
والمحلق الممدوح وكان هذا البيت يستحسن حتى قال الحطيئة:
متى تأته تعشو الى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد
فعفى على الاول، هكذا قالوا، وعندى ان الاول أحسن وأعذب.
ونار الحرب: مثل وليس بحقيقة.
ونار السليم، توقد للملدوغ اذا سهر، وللمجروح اذا نزف، وللمضروب بالسياط، ولمن عضه الكلب، «1» لئلا يناموا فيشتد بهم الأمر حتى يؤديهم الى الهلكة: قال المجروح:
أبا ثابت أنا إذا يسبقوننا ... ستركب خيل أو ينبّه نائم
نداميّة تعشى الفراش رشاشها ... يبيت له ضوء من النّار جاحم
والمنزوف اذا نام أصابه الكزاز «1» .
ونار الفداء: وذلك ان الملوك اذا سبوا القبيلة خرجت اليهم السادة للفداء والاستنهاب، فكرهوا ان يعرضوا النساء نهارا فيفتضحن، وفى الظلمة فيخفى قدر ما يحسبون لانفسهم من الصفى، فيوقدون النار لعرضهن، وذلك قول الأعشى:
وهذا الّذى أعطاه بالجمع ربّه ... على فاقة وللملوك هباتها
نساء بنى شيبان يوم أوارة «2» ... على النّار اذ تجلى له فتياتها
ونار الوسم: يقال للرجل ما نارك؟ أى، ماسمة إبلك؟ وقرب بعض اللصوص أبلا للبيع، فقيل له: ما نارك؟ وكان قد أغار عليها من كل وجه، وانما سئل عن ذلك لانهم يعرفون ميسم كل قوم وكرم أبلهم من لؤمها فقال:
يسألنى الباعة أين نارها ... إذ زعزعوها فسمت أبصارها
كلّ نجار أيل نجارها ... وكلّ دار لأناس دارها
وكلّ نار العالمين نارها
وقال آخر:
يسقون آبالهم بالنّار ... والنّار قد تسقى من الأوار
يقول لما رأوا نارها خلوا لها المنهل فشربت لعز أصحابها.












مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید