المنشورات

أول من سمى الجمعة جمعة وكانت تسمى عروبة كعب بن لؤى

وذلك أنه جمع قريشا وخطبهم فقال: اسمعوا وعوا، وتعلموا تعلموا، وتفهموا تفهموا، ليل داج، «1» ونهار ساج، «2» والأرض مهاد، والسماء بناء، والجبال أوتاد، والأولون كالآخرين، كل ذلك الى بلى، فصلوا أرحامكم، واحفظوا أصهاركم، وثمروا أموالكم، وأصلحوا أعمالكم، فهل رأيتم من هالك رجع؟! ام ميت نشر؟ الدار أمامك، والظن خلاف ما تقولون، زينوا حرمكم وعظموه، وتمسكوا به ولا تفارقوه، فسيأتى له بناء عظيم، وسيرخج منه نبى كريم، ثم قال:
نهار وليل واختلاف حوادث ... سواء علينا حلوها ومريرها
يؤوبان «3» بالاحداث حين تآوبا ... وبالنّعم الضّافى علينا ستورها
صروف «4» وأنباء تقلّب أهلها ... لها عقد ما يستحلّ مريرها «5»
على غفلة ياتى النّبى محمّد ... فيخبر أخبارا صدوقا خبيرها
ثم قال أيضا:
يا ليتنى شاهد النّجوى لدعوته ... خير العشيرة يبغى الحقّ جذلانا «1»
ولعروبة نظائر من الاسماء التى كانت تستعمل ثم ترك استعمالها، فمن ذلك أسماء الايام كلها، وعروبة منها، فقد كانوا يسمون الأحد الأول، والإثنين أهون، والثلاثاء جبار، والاربعاء دبار، والخميس مؤنس، والجمعة عروبة، والسبت شيار، وأنشد الاعشى.
أآمل أن أعيش وأنّ يومى ... بأوّل أو باهون أو جبار
أو التّالى دبار أو فيومى ... بمؤنس او عروبة أو شيار
وكانوا يقولون الاتاوة، فتركوها وقالوا: الخراج، والمكس فتركوه وقالوا:
الضربية وقالوا: أنعم الله صباحك ومساك وتركوا أن يقولوا للملك أبيت اللعن وأن يقولوا للصاحب والسيد والملك أربابا، وأن يقولوا للجارية غلامة وللمرأة رجلة، وكل ذلك كان مستعملا فى الجاهلية قال أمرؤ القيس:
ألا أنعم صباحا أيها الطّلل «2» البالى
وقال الحارث بن حلزة:
ربّنا وابننا وأفضل من يمشى ومن دون ما لديه الثّناء «3» وقال آخر: يهان لها الغلامة والغلام
وقال آخر:
لم يراعوا حرمة الرّجله «1»
وقد حدثت فى الاسلام معان وسميت بأسماء كانت فى الجاهلية لمعان أخر، فأول ذلك القرآن «2» والسورة «3» والآية «4» والتيمم، قال تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً
«5» أى تحروه، ثم كثر ذلك حتى سمى التمسح تيمما، والفسق وهو الخروج من طاعة الله تعالى، وانما كان ذلك فى الرطبة اذا خرجت من قشرها، والفأرة اذا خرجت من جحرها، وسمى اظهار الايمان مع اسرار الكفر نفاقا، والسجود لله ايمانا، وللوثن كفرا، ولم يعرف أهل الجاهلية من ذلك شيئا.
ومنه تسمية الرجل الذى أدرك الجاهلية والاسلام مخضرما، وأصله من خضرمت الغلام أى ختنته، والأذن إذا قطعت من طرفها شيئا وتركته ينوس، «6» وكأن زمان الجاهلية قطع عليه وقال بعضهم: الخضرمة الابل التى نتجت من العراب واليمانية، فقيل: رجل مخضرم اذا عاش فى الجاهلية والاسلام وهذا أعجب «7» القولين إلىّ، وكان أهل الجاهلية يقولون رجل صروره اذا بلغ النهاية فى العبادة، فصار ذلك فى الاسلام اسما لمن لم يحج، وكانوا يسمون قوام البيت السدنة، فقيل فى الإسلام الحجبة، ومن الاسماء المستحدثة تسمية الفرج المتاع والعورة، وأصل العورة الانكشاف والامكان، يقال أعور الفارس اذا بدا موضع منه للطعن والضرب، وأعور البيت اذا أمكن السراق، وفى القرآن إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ
«8» أى معورة ممكنة لمن أرادها، وعورة الثغر المكان الذى اذا انكشف وظهر للعدو خيف من جهته، ومن ذلك الغائط «1» والنجو «2» والعذرة «3» لزيل الانسان، والملامسة للنكاح، الى غير ذلك مما يطول شرحه.
















مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید